ترامب وإعادة تشكيل المشهد السياسي الأمريكي
سيقوم دونالد ترامب بعمل تحولات غير مسبوقة في السياسة الأمريكية بتحديه للأعراف الديمقراطية والتقاليد الدستورية والقانونية في المشهد السياسي الأمريكي، بما يؤثرعلى شكل ودعائم النظام السياسي الأمريكي.
قد تحاول اسرائيل قتل قادة حماس في قطر، أو تتركهم وشأنهم، أو حتى استخدامهم للمساعدة في حفظ النظام في غزة بعد انتهاء الصراع.
ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرعمنذ انتفاضات الربيع العربي التي بدأت في نهاية عام 2010، أصبحت قطر بمثابة الراعي الرئيسي لحركة حماس، وأصبحت الدوحة بمقام الوطن البعيد لمعظم قادة المكتب السياسي لحركة حماس المبعدين. على مدى أكثر من عقد من الزمن، تكفلت قطر بدعم اقتصاد غزة عن طريق ضخ دفعات نقدية شهرية لتغطي في جزءٍ منها رواتب معظم موظفي القطاع العام في حكومة الأمر الواقع التي تديرها حركة حماس، بالإضافة لتقديمها دعمًا اجتماعيًا وإنسانيًا آخر – وكل ذلك بموافقة خصوم حماس الرئيسيين، السلطة الفلسطينية ومصر وإسرائيل والولايات المتحدة. كان لا بد من وجود جهة ما توفر الطعام لما يقرب من 2.1 مليون فلسطيني في غزة، وكانت قطر على استعداد للقيام بهذا الدور، الأمر الذي أراح جميع الجهات الفاعلة الأخرى من هذا العبء.
وتوطدت أواصر هذه الرابطة بعد الانقسامات الطائفية في العالم العربي، التي عجل بها صعود حركة الإخوان المسلمين خلال الربيع العربي، وخاصة فيما يتعلق بالحرب الأهلية السورية. إن الدور البارز الذي لعبته حركة الإخوان المسلمين وغيرها من الحركات السنية في الانتفاضة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد جعل وجود حركة حماس المكثف في دمشق غير مقبول، ورحل قادتها السياسيون، بشكل أساسي إلى قطر، على الرغم من أن بعضهم انتقل إلى تركيا ولبنان ومناطق أخرى. ومع مرور الوقت، فقد قادة المكتب السياسي المبعدون السيطرة على الجزء الأكبر من الحركة لصالح القادة السياسيين وشبه العسكريين الموجودين في قطاع غزة، وبالتالي أصبحوا يمثلون الجناح الدبلوماسي لحرك حماس، وهو مفيد بالدرجة الأولى للتواصل مع بقية العالم، وتأمين الدعم الدبلوماسي والمالي والعسكري من قطر وتركيا وإيران، وإدارة العلاقات العامة للجماعة في وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية. ولا يزال هؤلاء من بين الشخصيات الأكثر شهرة في الحركة، وكان لهم حضور دائم على شاشات التلفزة، خاصة قناة الجزيرة في قطر، وهى القناة ذات التأثير الكبير.
إن علاقات قطر الوثيقة مع حركة حماس وتواجد القادة السياسيين التقليديين في الحركة – مثل رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية وخالد مشعل وموسى أبو مرزوق وفتحي حماد – في الدوحة منح قطر فرصة دبلوماسية هائلة في مفاوضات الرهائن التي أعقبت الهجوم الذي قادته حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل. يبدو أن تركيا كانت مترددة، وكانت علاقاتها مع مثل هذه الشخصيات البارزة أقل قوة، على الرغم من أن نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري يميل إلى الانتقال بين أنقرة وبيروت. وتعد علاقة مصر بحركة حماس عدائية إلى حد كبير، على الرغم من وجود قنوات واضحة للتواصل مع قيادة الحركة. ولكن إذا أرادت إسرائيل، من خلال الولايات المتحدة، أو حتى واشنطن نفسها، إيصال رسالة إلى حركة حماس، فإن بعض أبرز شخصياتها متواجدون في الدوحة، ويمكن التواصل معهم على الفور عبر رعاتهم القطريين.
في الواقع، في حين بدى أن الرئيس جوزيف بايدن كان المنسق الرئيسي لصفقة الرهائن واسعة النطاق، كانت قطر الوسيط الذي لا غنى عنه تقريبًا. وبسبب نجاح الاتفاق، الذي أفضى كذلك لتوقف القتال لمدة أسبوع تقريبًا، وإدخال بعض المساعدات الإنسانية التي كان المدنيون في غزة في أمس الحاجة إليها، فقد حظيت قطر بإشادة واسعة النطاق، بما في ذلك من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل. ومن خلال مواصلة دورها كوسيط نشط، تمكنت قطر من استثمار نقطة الضعف المحتملة – علاقاتها الوثيقة مع حركة حماس بعد الفظائع التي وقعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول – وتحويلها إلى رصيد كبير ونجاح، ولو مؤقتًا على الأقل. ومع ذلك، في المستقبل، فإن وضع علاقة قطر مع حركة حماس، وتأثير ذلك على الدبلوماسية القطرية ومكانتها الدولية سيعتمد إلى حد كبير على خيارات إسرائيل وردود أفعال الدوحة.
تعهدت الحكومة الإسرائيلية بمطاردة وقتل جميع كبار قادة حركة حماس، وخاصة أولئك الموجودين في قطر وتركيا ولبنان. وقد تقوم إسرائيل بتنفيذ هذه التهديدات وقد لا تفعل. لقد تراجعت بالفعل بشكل كبير عن الهدف الأساسي للحرب المتمثل في ضرورة تدمير حركة حماس بالكامل. من الواضح أن هذا الهدف كان مستحيلاً، لأن الحركة تشكل عاملًا سياسيًا وفكرة وليست مجرد قائمة من الأفراد الذين يمكن قتلهم، وليست مجرد بنية تحتية ومعدات يمكن تدميرها. لذلك، منذ بدء الهجوم على غزة، تأرجحت القيادة الإسرائيلية بين تكرار هذه الأهداف المتطرفة بعيدة المنال، وبين وضع أهداف أكثر تواضعًا، وربما قابلة للتحقيق، مثل إنقاذ الرهائن أو تدمير قدرة حركة حماس على تشكيل تهديد آخر على غرار ما جرى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
لدى إسرائيل تاريخ طويل في قتل القادة والكوادر الفلسطينية في جميع أنحاء العالم لتحييد أعدائها، وللانتقام بسبب هجمات محددة، مثل هجوم مجموعة أيلول الأسود على الرياضيين الإسرائيليين، واحتجاز الرهائن في دورة الألعاب الأولمبية في ميونيخ عام 1972. حتى إن هذه الحملة قد أدت لمقتل نادل مغربي بريء في النرويج، والذي قتل بالخطأ على اعتبار أنه أحد أعضاء المجموعة التي نفذت عملية أيلول الأسود. وفي الآونة الأخيرة، اغتالت إسرائيل أيضًا علماء نوويين إيرانيين مهمين، بالإضافة إلى غيرهم ممن تعتبرهم إسرائيل أعداء. وكان واحد على الأقل من قادة حركة حماس في الدوحة، خالد مشعل، هدفًا لمحاولة اغتيال إسرائيلية فاشلة في عام 1997، عندما قام عملاء الموساد، الذين تظاهروا بأنهم سائحون كنديون، بتسميمه في الأردن. قام الملك الحسين بإبلاغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه سيلغي معاهدة السلام الأردنية-الإسرائيلية إذا لم تجلب إسرائيل فورًا الترياق لإخراج مشعل من الغيبوبة وإنقاذ حياته. وجاء الترياق، وظلت معاهدة السلام، وعاش مشعل.
بالإضافة إلى ذلك، في دولة خليجية صديقة نسبيًا، اغتال عملاء الموساد محمود المبحوح في عام 2010، رئيس الشؤون اللوجستية ومشتريات الأسلحة في حركة حماس، في فندق فاخر في دبي. ويبدو أن المخابرات الإسرائيلية قد صدمت من قدرة شرطة دبي على كشف القضية خلال أيام، وتحديد هوية القتلة الذين كانوا يتظاهرون بأنهم زوار من دول أوروبية وأستراليا، ما أثار أزمة دبلوماسية لإسرائيل مع الدول التي تعرضت لسرقة هوياتها على خلفية جريمة القتل تلك. لقد كانت الحادثة محرجة لأبعد الحدود بالنسبة لإسرائيل، لكنها أظهرت الاستعداد لقتل شخصيات من حركة حماس في دول الخليج، وهو ما تهدد إسرائيل بالقيام به مرة أخرى وعلى نطاق واسع ضد شخصيات أكثر أهمية في قطر.
إذا قرر الإسرائيليون المضي قدمًا في حملة الاغتيال هذه، فعلى الأرجح أن تتلقى قطر تحذيرًا ما يعطي الدوحة فرصة لنقل الشخصيات المستهدفة إلى موقع آخر. ربما يلجأ المكتب السياسي لحركة حماس ومساعدوه إلى سوريا مرة أخرى، أو إلى لبنان، أو إيران، أو إلى أماكن أبعد في شمال أفريقيا. ويبدو أن تركيا ليست مستعدة للترحيب بأي من قادة حركة حماس إضافة إلى العاروري، الذي يبدو أنه عاد إلى تركيا في الأيام الأخيرة، ولكن تركيا ليست وجهة محتملة إلى حد كبير. وبدلاً من ذلك، ربما تبدأ إسرائيل باغتيال هذه الشخصيات دون سابق إنذار، وقد تسعى قطر إلى حمايتهم بدلاً من إبعادهم. ولكن في كلتا الحالتين، قد يؤدي هذا إلى أزمة خطيرة في العلاقات بين إسرائيل وقطر، التي كانت ودية إلى حدٍ ما، وإن كانت باردة.
هناك دلائل تشير إلى أن قادة حركة حماس في غزة يشعرون بأنهم مهددون جسديًا، واتخذوا إجراءات لحماية أنفسهم. وتفيد التقارير بأن بعض كوادر حركة حماس في قطر قد انتقلوا إلى بلدان أخرى، أبرزها الجزائر، وأن العديد من الشخصيات الرئيسية قد أغلقوا هواتفهم المحمولة. إذا قررت إسرائيل مرة أخرى اللجوء إلى حملة اغتيالات دولية، فسوف تضطر قطر إما لتغيير سياساتها تجاه حركة حماس، وهو ما رفضته بإصرار حتى الآن، أو المجازفة بإشعال أزمة كبيرة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وحتى مع دول الخليج العربية الأخرى المعادية للإخوان المسلمين، وبالتالي معادية لحركة حماس.
ولأن قطر قد أثبتت أنها مفيدة، وتتوقف هذه الفائدة على وجود قادة حركة حماس المبعدين في الدوحة، فقد تقرر إسرائيل أن شخصيات المكتب السياسي المبعدين لم يكونوا متورطين بشكل مباشر في هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، وبالتالي لا ينبغي قتلهم، على الرغم من دعمهم القوي للفظائع. وقد تضغط واشنطن على الإسرائيليين حتى لا يثيروا أزمة إضافية مع قطر، التي تزود الجيش الأمريكي بمرافق حيوية. إذا خلصت إسرائيل إلى أنه قد تم تعطيل المنظمة تمامًا في غزة لدرجة أنها لم تعد قادرة على أداء وظيفتها، مع القبض على قياداتها المحلية أو قتلهم جميعًا تقريبًا، فقد تعتبر شخصيات المكتب السياسي في قطر كيانات غير موجودة نسبيًا، وذراعًا دبلوماسيةً لعدو غير فعال ولا يشكل تهديدًا. في ظل مثل هذه الظروف، قد تقرر إسرائيل أن تترك الأمور على ما هي عليه، وتترك متنفسًا لقادة حركة حماس على شاشات التلفزة دون أي تأثير على الإطلاق. وإذا اعتبرت إسرائيل أن حركة حماس قد سُحقت بما فيه الكفاية في غزة، فقد تستنتج ببساطة أنها لا تستحق العناء والثمن الاستراتيجي والدبلوماسي والسياسي المتمثل في اغتيال المتبجحين من بعيد وعديمي الفاعلية، والذين هم مجرد بقايا عدو محطم.
من الممكن أن ينشأ السيناريو الثالث، والأهم الذي قد تفضي إليه الظروف الحالية، إذا قررت إسرائيل – لكي تتمكن من صياغة ترتيبات حكم قابلة للتنفيذ لفترة ما بعد الصراع في قطاع غزة – العمل مع قطر والولايات المتحدة وآخرين لاستخدام قادة المكتب السياسي في الدوحة لضمان موافقة حركة حماس على قيادة فلسطينية بديلة في غزة. وما لم تكن إسرائيل راغبة في إعادة احتلال المراكز الحضرية في غزة في المستقبل المنظور، وهو ما سيكون السبيل الفعلي الوحيد لضمان القضاء على مشاركة حركة حماس المباشرة أو غير المباشرة في الحكم هناك، فسوف يتعين عليها أن تسمح بتطوير قيادة فلسطينية بديلة في غزة. وبصرف النظر عما قد تبدو عليه القيادة الجديدة، وإذا قُدّر لها أن تعمل بفاعلية، فلا بد أن تحصل على موافقة ضمنية على الأقل من جانب حركة حماس. وإلا فإن من المرجح حدوث حمام دم، حيث سيهاجم المتمردون الإسلاميون بقيادة حركة حماس النظام الجديد، الذي سوف يعتبرونه وكيلاً للاحتلال الإسرائيلي.
إذا تم القبض على قيادة حركة حماس في غزة أو القضاء عليها، فمن الممكن إعادة القادة السابقين في قطر لتولي السلطة في الحركة بشكل فعال. وهذا من شأنه أن يسهل على قطر قيادة الاستقرار وإعادة الإعمار وتمويلهما في غزة من خلال إدارة فلسطينية بديلة. ويكاد يكون من المؤكد أن إسرائيل لن تقبل بعودة سيطرة حركة حماس المباشرة على إدارة الحكم في غزة. ومع ذلك، قد ينشأ وضع يمكن فيه تأسيس حكومة معترف بها دوليًا تتولى إدارة الوزارات والحكم في غزة، على غرار تقاسم سلطة الأمر الواقع في لبنان أو العراق. وسوف يُطلب من قادة حركة حماس الالتزام بالتخلي عن الأنشطة شبه العسكرية للحركة، ولكن يكاد يكون من المؤكد أنهم سيحاولون إعادة بناء ميليشياتهم وقدراتهم العسكرية سرًا على الرغم من الجهود الجماعية لمنع ذلك. وقد تقرر إسرائيل أن هذا هو الخيار الأقل سوءًا من بين جميع الخيارات الرهيبة في ظل الحقائق الآخذة بالتطور.
إذا حدث هذا السيناريو الثالث، فستكون قطر قادرة مرة أخرى على استثمار علاقتها الوثيقة مع حركة حماس لتحقيق نصر دبلوماسي واستراتيجي كبير. وإلا فإن الدوحة تخاطر بمواجهة كبرى مع إسرائيل والولايات المتحدة ما لم تغير سياساتها في التعامل مع حركة حماس في نهاية المطاف، وتطرد المكتب السياسي ومساعديه. لقد قامت قطر فعليًا بتسديد فاتورة غزة، ويمكن القول إنها تتحمل بعض المسؤولية عن الكارثة التي جلبتها هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول بسبب دعمها لحركة حماس منذ أمد بعيد. لكن في ظل هذا السيناريو الثالث، يمكن التسامح مع كل شيء إذا كانت إسرائيل على استعداد للسماح لقطر بالاستفادة من علاقتها مع شخصيات حركة حماس القوية سابقًا، والتي من الممكن أن تتولى مرة أخرى قيادة حزب يُفترض أنه أخذ العظة وتم إصلاحه للمساعدة في تمكين قيادة فلسطينية جديدة في غزة.
لم تُظهر إسرائيل حتى الآن أي استعداد لقبول مثل هذا الترتيب. ولكنها أيضًا لا تملك خطة قابلة للتطبيق لسيناريو اليوم التالي، وحتى نتنياهو يجب أن يدرك أن إعادة احتلال المراكز الحضرية في غزة لفترة طويلة هو بالتحديد ما كانت حركة حماس تأمل في تحقيقه من خلال هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول. من الواضح أن حركة حماس تريد بدء تمرد طويل الأمد ضد القوات الإسرائيلية في غزة من أجل تأكيد قيادتها للحركة الوطنية الفلسطينية على اعتبار أنها هي وحدها التي تحارب قوات الاحتلال يوميًا من أجل السيطرة على الأراضي الفلسطينية في غزة. وهذا من شأنه أن يتسبب في تناقضٍ صارخٍ مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، بتعاونها الأمني مع إسرائيل، ومفاوضي منظمة التحرير الفلسطينية الذين يجلسون على طاولة فارغة في انتظار الإسرائيليين الذين لم يأتوا أبدًا، والمحادثات التي لم تحقق أي شيء إذا حدثت أصلاً. ولا تخفي حركة حماس نيتها في أن يكون التلويح بالقميص الملطخ بالدماء هو المفتاح لأُفول القوميين العلمانيين الذين سيطروا على الحركة الوطنية الفلسطينية منذ إعادة تشكيلها في عام 1968، وتحقيق مهمة حركة حماس التي تأسست من أجلها عام 1987 لتحويل القضية الفلسطينية إلى حركة إسلامية تهيمن عليها حركة الإخوان المسلمين وميليشياتها.
هناك شخصية رئيسية واحدة على الأقل في الدوحة تشير إلى هذا النهج المحتمل، ومن الواضح أنها على وعي بالأزمة السياسية التي قد تنتظر حركة حماس إذا انسحبت القوات الإسرائيلية، وافساح المجال النفسي والسياسي للفلسطينيين للتساؤل بشأن الخراب الذي أحدثته حركة حماس بالقيام بهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وإذا ظلت إسرائيل في غزة، فمن المؤكد أن حركة حماس سوف تحقق نصرًا كبيرًا. ولكن إذا انسحبت إسرائيل قريبًا، فمن المحتمل أن تعاني حركة حماس من فشل سياسي ذريع عندما يقوم الفلسطينيون بتحديد حجم الدمار وحساب التكاليف، والتساؤل عما تم إنجازه. في الآونة الأخيرة، أشار أبو مرزوق، أحد كبار شخصيات حركة حماس في الدوحة، إلى أن الحركة كانت على استعداد للقيام بالتسوية النهائية في السياسة الفلسطينية الداخلية. وقال في مقابلة مع المونيتور، إن حركة حماس مستعدة للانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وإنها تدرك أن القيام بذلك يستوجب القبول بأولوية وشرعية جميع المعاهدات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية والالتزام بها، وتحديدًا اعتراف رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عرفات، بإسرائيل في عام 1993. وهذا يعد تراجعًا كليًا عن موقف حماس المعتاد منذ عام 1993، الذي يرفض بشكل قاطع اتفاقيات أوسلو ورسائل الاعتراف المتبادل، وتحديدًا اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل، وحق مواطنيها في العيش بأمن وسلام. وحتى عندما كان قادة حماس يشيرون أحيانًا، بشكل ضمني أو صريح، لاحتمال اعترافهم بإسرائيل، إلا أنهم لم يفعلوا شيئًا أبدًا حيال الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993. وهذا سوف يعد أمرًا جديدًا بصورة كبيرة واستسلام.
تظهر استطلاعات الرأي أن الفلسطينيين يريدون بأغلبية ساحقة تشكيل حكومة وحدة وطنية، وليس حكمًا لحركة فتح أو حركة حماس. إن إعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية لتشمل حركة حماس ومنظمات اللاجئين سوف تحظى بشعبية ساحقة لدى الفلسطينيين، ومن الممكن أن يتم ذلك إذا كانت حركة حماس مستعدة حقًا للانضمام إلى المنظمة بشروط حركة فتح، والاعتراف بإسرائيل، والابتعاد عن الكفاح المسلح، والانضمام لعملية المفاوضات. وهذا يعني فعليًا التنازل عن الميزة التنافسية الأساسية التي تتمتع بها حركة حماس على حركة فتح في السياسة الفلسطينية الداخلية، وهى تسويق أجندتها الاجتماعية الإسلامية التي لا تحظى بشعبية نسبيًا من خلال المزايدة على حركة فتح فيما يتعلق بالكفاح المسلح ومقاومة إسرائيل. وهذا من شأنه أيضًا أن يسمح لحركة حماس بأن تكون جزءً من منظمة أوسع تتعامل بشكل مباشر مع الإسرائيليين لتأمين ترتيبات معقولة على المدى القريب، ودولة مستقلة على المدى الطويل. وقد يمنحها هذا شعبية كبيرة، ويمكنها بذلك أن تنقذ الحركة من ردة فعل سياسية مأساوية محتملة في أعقاب العدوان الإسرائيلي.
تشير تعليقات أبو مرزوق إلى مجموعة من الاحتمالات أمام حركة حماس في مرحلة ما بعد الصراع – بقيادة المكتب السياسي الموجود حاليًا في قطر – وإلى لعب الدوحة نفسها دورًا رئيسيًا كوكيل دولي لقطاع غزة. وهذا من شأنه أن يشكل وسيلة لتفادي المصائد المتنوعة التي نصبتها كل من حركة حماس وقطر وإسرائيل لأنفسهم في الصراع الحالي. ومن الممكن أيضًا أن يكون أبو مرزوق يتحدث عن نفسه فقط، أو أنه يمثل تيارًا واحدًا فقط داخل المكتب السياسي، أو أن القيادة في المنفى لن تكون قادرة على إعادة فرض سلطتها حتى لو تم بالفعل قتل أو أسر جميع القادة المقيمين في غزة. ولكن تعليقاته تثير احتمالات مذهلة بالنسبة لهذه الأطراف الثلاثة – إسرائيل وحماس وقطر – وجميعها في مواقف بالغة الصعوبة في ظل عدم وجود سبل أخرى واضحة للخروج من هذه المواقف.
من المؤكد أن فرصة السيناريو الثالث ضئيلة جدًا، فالتاريخ يشير إلى أن الأرجح هو استمرار إسرائيل في أسلوبها المتمثل في اغتيال أعدائها في جميع أنحاء العالم. ولكن مع توالي الأسابيع، لا بد أن القادة الإسرائيليين يتساءلون بشكل متزايد عما هم فاعلون في قطاع غزة، على افتراض أنهم يرغبون في حرمان حركة حماس من التمرد طويل الأمد الذي تتوق إليه ضد قوات الاحتلال الإسرائيلية في غزة. وسوف يتطلب الأمر من الأطراف الثلاثة، وربما من الولايات المتحدة أيضًا، العمل بجرأة وبمخيلة قوية واستعداد لتغيير السياسات القائمة منذ فترة طويلة لاستيعاب الترتيبات الجديدة التي هنالك حاجة ماسة إليها. ومع ذلك، وبما أن الحاجة أم الاختراع، فإن السيناريو الثالث ليس مستحيلاً بأي حال من الأحوال.
هو كبير باحثين مقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن.
سيقوم دونالد ترامب بعمل تحولات غير مسبوقة في السياسة الأمريكية بتحديه للأعراف الديمقراطية والتقاليد الدستورية والقانونية في المشهد السياسي الأمريكي، بما يؤثرعلى شكل ودعائم النظام السياسي الأمريكي.
من غير المرجح أن تتمكن أرامكو من الحفاظ على سياستها الحالية في توزيع عائدات الأسهم في ظل غياب انتعاش قوي في عائدات النفط. وقد يؤدي تخفيض الأرباح الموزعة إلى آثار سلبية على الأوضاع المالية للحكومة وصندوق الاستثمارات العامة.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستخلق خطوط تماس وتوتر داخلية يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية جديدة. إضافة إلى خطوط تماس أخطر خارجياً، قد تزج الولايات المتحدة في حرب تجارية مع الصين.
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.
تعرف على المزيد