ارتفاع معدل الجريمة
وفقًا لتصريحات نائب رئيس الشرطة الإيرانية، تصاعدت خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الإيرانية التي بدأت في مارس/آذار 2020 حوادث السطو على المنازل والمحلات التجارية بنسبة تقارب 30٪، في حين تزايدت أحداث سلب وسرقة المركبات بنسبة 10٪ مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019. ووفقًا لوسائل الإعلام الإيرانية كذلك، تصاعدت عمليات السطو المسلح في محافظة طهران في عام 2019 بنحو 30٪ عن العام السابق.
وتتزايد كذلك في إيران مشكلة سرقة الهواتف المحمولة، أو “خطف الهاتف المحمول”. فقد أدى انخفاض قيمة الريَال وزيادة التعريفات الجمركية على الهواتف المحمولة إلى زيادة كبيرة في أسعار الهواتف المحمولة وملحقاتها، ما أدى بدوره إلى اتساع السوق، وزيادة الطلب على الأجهزة المستعملة والمسروقة. ويذكر أن الهواتف المحمولة المسروقة في إيران غالبًا ما تُباع في أفغانستان، حيث سوق الهواتف الذكية في اتساع.
تتزايد أيضًا عمليات الاحتيال والتزوير في إيران. على سبيل المثال، ازدادت عمليات النصب الشائعة التي تنطوي على بيع العقارات والخدمات الزائفة بنسبة 30٪ خلال العامين الماضيين. وازداد الاحتيال عبر الإنترنت بنسبة 200٪ ما بين عامي 2018 و2019.
أسفرت الزيادة في أنواع الجرائم المختلفة عن خلق شعور بانعدام الأمن لدى الجماهير. قال نائب رئيس الشرطة الإيرانية، في مؤتمر صحفي عام 2019، إن أكثر من “20٪ من شعور الناس بانعدام الأمن” ناجم عن الخوف من السطو. كما أن مخاطر الاقتحام وسرقة المركبات والسطو والنشل تتسبب أيضًا في مخاوف لدى العامة.
الأسباب الاجتماعية والاقتصادية للجريمة
تشير العديد من الدراسات الأكاديمية والتقارير، التي أعدتها الحكومة، إلى زيادة كبيرة في معدل الجريمة في إيران، حيث تشير الأبحاث إلى وجود علاقة بين تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد وهذا الارتفاع في معدل الجريمة. أظهرت دراسة من جامعة أصفهان أنه بين عامي 1981 و2011، تضاعف عدد جرائم العنف المبلغ عنها من حالة واحدة إلى حالتين لكل ألف شخص. وخلال الفترة نفسها، زادت السرقات المبلغ عنها من خمس إلى 12 حالة لكل ألف شخص. وسلطت الدراسة الضوء على العلاقة ما بين معدلات الجريمة وعوامل مثل بطالة الشباب والتضخم المالي (لا سيما في أسعار المواد الغذائية)، والدخل وتعاطي المخدرات. وأشارت في الوقت نفسه، إلى العلاقة بين الإنفاق الحكومي وانخفاض معدل الجريمة: حيث انخفض معدل البطالة لدى الذكور وتراجعت أعمال السطو في المقاطعات التي كانت تتمتع بالكثير من الإنفاق الحكومي على إيجاد فرص العمل والإنتاج الصناعي.
كما أظهرت دراسة حديثة أجراها قسم الاقتصاد في جامعة آزاد في طهران حول بيانات معدل الجريمة بين عامي 1994 و2018 أنه كان للبطالة والتضخم المالي أثر كبير في ارتفاع معدل الجريمة في جميع أنحاء البلاد. وفقًا لمركز إيران الإحصائي، فقد تم توظيف حوالي 37٪ فقط من الإيرانيين فوق سن 15 عامًا بحلول فبراير/شباط 2021.
وتمامًا كما هو الحال في الجرائم الأخرى، تشير الأبحاث إلى وجود علاقة بين جرائم الشرف والعوامل الاجتماعية والاقتصادية. تاريخيًا، شهدت المقاطعات ذات المعدلات الأعلى من البطالة والفقر معدلات عالية من حوادث العنف ضد المرأة.
السياسات الضالة
ساهم فشل الحكومة الإيرانية في استحداث سياسات مناسبة أو كافية لمواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه الإيرانيين بشكل مباشر في ارتفاع معدل الجريمة في إيران.
على سبيل المثال، فشلت سياسات الشرطة في التقليل من معدل الجريمة. تتمثل سياسات مسؤولي الشرطة في القبض على المسؤولين عن الجرائم، ويدّعون أن أكثر من 76٪ من التحقيقات المتعلقة بالجرائم المبلغ عنها تتوصل للمسؤولين عن هذه الجرائم. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذا النجاح المزعوم في التحقيقات، إلا أن معدل الجريمة مستمر في التصاعد.
تفرض البلاد عقوبات صارمة على جرائم السطو بموجب الشريعة الإسلامية، بما في ذلك بتر الأطراف والجلد. في سبتمبر/أيلول 2020، ورد أنه تمت محاكمة ثلاثة أحداث إيرانيين من مدينة أرومية في محكمة خاصة بالأطفال والأحداث، وصدر بحقهم حكم يقضي ببتر أصابعهم بتهمة السرقة. ويشير الارتفاع المتواصل في معدل الجريمة إلى أن مثل هذه العقوبات القاسية ليس لها تأثير رادع حقيقي على مرتكبي الجرائم للمرة الأولى، كما أنها لا تقلل من العودة إلى الإجرام.
تحدث كبار مسؤولي الشرطة الإيرانيين مؤخرًا عن خطط للسماح للمواطنين باستخدام محققين خاصين بهدف التسريع في التحقيقات ومساعدة قوات الشرطة التي تعاني من نقص الموظفين. قال مدير شرطة طهران إن إدخال محققين خاصين من شأنه أن يقلل من الاستدعاءات الأولية للشرطة. كما أصبح من الشائع استخدام الحراس الشخصيين بين الأثرياء من الإيرانيين. ويسمح بهذا السلوك بموجب القانون الإيراني فقط بموافقة المحكمة والمجلس المحلي. ومع ذلك، تشير التقارير إلى ازدياد عدد شركات الحراسة الشخصية الخاصة، التي تقدم مثل هذه الخدمات دون الحصول على تلك الموافقات. ويبدو أن خصخصة حماية المواطنين، من خلال إتاحة استخدام حراس شخصيين ومحققين خاصين أو السماح بذلك ضمنيًا، تهدف إلى تقليص مسؤولية الحكومة في توفير الخدمات المناسبة لحماية المواطنين. ونظرًا لأن أغلبية الإيرانيين لا يستطيعون دفع أتعاب الحراس الشخصيين أو المحققين الخاصين، فإن هذا يهدد بتعميق الانقسامات في المجتمع بدلاً من معالجة الأسباب الجذرية لتصاعد انعدام الأمن.
تسببت الظروف الاقتصادية المتدهورة، الناجمة عن مجموعة من العقوبات والسياسات الحكومية غير المناسبة، في ارتفاع معدلات البطالة والتضخم المالي والفقر في إيران، وكان لذلك كله أثر على ارتفاع معدل الجريمة. حيث أسفر فشل الحكومة في تقديم الخدمات الاجتماعية الكافية والحفاظ على دعم سبل عيش الإيرانيين العاديين عن ازدياد مخاوف الناس بشأن استقرارهم المالي. ونظرًا لمثل هذه التحديات، فإن أحد المطالب الرئيسية للرئيس الإيراني القادم سيكون تحسين الظروف الاقتصادية في إيران للمساعدة في إيجاد فرص العمل والحد من معدل الفقر، ما من شأنه أن يزيد من الشعور العام بالأمن للإيرانيين.