ن استعمال الأقوال المبتذلة السائد بشكل متزايد في التحليلات الغربية، والبارز أيضًا في بعض أجزاء الخطاب العربي والإسلامي، يصوّر المملكة العربية السعودية باعتبارها المعادل السياسي والأخلاقي لتنظيم “داعش” الإرهابي. إلا أن هذا الخلط خاطئ في معظم جوانب السلوك والسياسة، ولاسيما العلاقات مع النظام الدولي والإقليمي. لكنه في الوقت عينه يثير بعض أوجه الشبه المحدودة والتأثيرات المقلقة التي يجب التنبه إليها حتى بالنسبة لأولئك الذين يرون المشاكل في هذه المقارنة فهذه المقارنة لم تتأتَ من العدم. وعلى الرغم من أن هذا التشبيه غير مبرر، إلا أنه يثير مخاوف جدية لا بد لغالبية المجتمع السعودي كما الحكومة السعودية من معالجتها.
في هذا السياق، كانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الشهيرة في الأسابيع الأخيرة في الطليعة في نشر الفكرة التي تقول بأن “داعش تساوي المملكة العربية السعودية”. إذ روّجت مقالة كتبها توماس فريدمان، وهو محرر عمود في هذه الصحيفة، بتاريخ 2 أيلول/ سبتمبر لهذا التشبيه. ففي المقال الذي عنونه “صديقتنا الإسلامية المتطرفة المقربة، المملكة العربية السعودية“، رأى فريدمان أن “عدة آلاف من السعوديين انضموا إلى “داعش” أو أن الجمعيات الخيرية في الخليج العربية قد أرسلت تبرعات إلى التنظيم” لأن “كل هذه الجماعات الجهادية السنية، أي “داعش” وتنظيم “القاعدة” و”جبهة النصرة”، هي الحصيلة الأيديولوجية للوهابية التي حقنتها المملكة العربية السعودية في المساجد والمدارس الدينية من المغرب مرورًا بباكستان وصولًا إلى إندونيسيا”.
إن نظرية السبب والنتيجة البسيطة هذه حول العلاقة بين الثقافة المدنية والسياسية والدينية السائدة في المجتمع وانجذاب سكانها إلى هذه الجماعات الإرهابية ليست مبنية على أدلة ثابتة. فمن بين مجندي “داعش”، كان العدد الأكبر، الذي يصل إلى 3000، من تونس. إذ يعتقد عمومًا أن معدل تجنيد “داعش” في تونس هو الأعلى، حتى أكثر من التقديرات السعودية التي تصل إلى حوالي 2000 إلى 2500 مجند.
مع ذلك، فإن تونس هي الأكثر علمانية والأقل تشددًا من بين المجتمعات العربية، مع إمكانية استثناء لبنان. الأمر الذي يقوض ادعاء فريدمان بأن التطرف الثقافي والديني في مجتمع ما، في هذه الحالة في المملكة العربية السعودية، وخاصة كما تروج له المؤسسات الوطنية المهيمنة على الصعيد الثقافي، يوفر ارتباطًا قويًا في المشاركة في الحركات المتطرفة. يمكن النظر إلى هذه المشكلة بشكل صحيح، كما يقترح الكاتب أيضًا، من خلال السياق الإسلامي العالمي، مع كون عملية تعزيز المملكة العربية السعودية وغيرها للتعصب والتطرف بمثابة عامل تاريخي هام في خلق الموجة الحالية من التطرف العنيف. ولكن إذا كان تجنيد المقاتلين في “داعش” يرتكز بشكل كبير على تونس، تليها بفارق بسيط المملكة العربية السعودية، وهما بلدان في غالبية الأحيان على الطرفين النقيضن من الطيف الثقافي والسياسي العربي، فإن هذا يوحي إلى حد كبير بأن هناك تفسيرات أوسع من المناخ الثقافي والديني والوطني المحدد للانجذاب نحو الإرهاب.
هذا ونشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالًا ثانيًا في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر قدم حججًا أكثر صراحة حتى. إذ اعتبر الكاتب الجزائري كامل داود أن المملكة العربية السعودية هي ببساطة “ترتدي حلة أفضل وأكثر أناقة” من “داعش” “ولكنها تفعل الأمر عينه”. وبشكل مبطن ينتقد الكاتب الولايات المتحدة، وهو أمر لم يلحظه تقريبًا غالبية القراء، عبر الإشارة إلى أن “لـ”داعش” أم، وهي غزو العراق. ولكن لديها أب أيضًا، وهو المملكة العربية السعودية والمجمع الديني الصناعي”. بعبارة أخرى، فإن الولايات المتحدة تتحمل نصف المسؤولية في ظاهرة “داعش” هذه (بطبيعة الحال، نظرًا إلى الخطاب الاستشراقي، النصف الذكوري من هذا الاقتران غير المقدس، أي زرع النواة)، في حين يجب على المملكة العربية السعودية أن تتقبل النصف الآخر (التربية، وحمل الأنثى، المثال الأسوء للأم).
لا بد من الإشارة إلى أن العديد من الكتاب الآخرين كتبوا ادعاءات مماثلة، على الرغم من أن عدد قليل منهم كتب ببلاغة ووضوح كما فعل داود. بيد أنه، في كافة السياقات السياسية أو الاستراتيجية تقريبًا، لا يمكن مقارنة المملكة العربية السعودية، ناهيك عن موازاتها، بـ”داعش”. فالمملكة هي الآن، كما كانت منذ تأسيس الدولة الحديثة بعد الحرب العالمية الأولى، تشكل بثبات قوة الوضع الراهن. فقد وقفت بقوة مع النظام الإقليمي والعالمي، ومع الحفاظ على منطقة الشرق الأوسط وعلى العالم للأمور كما هي. وهي واحدة من أقوى المدافعين في الشرق الأوسط عن نظام الدولة الذي فرضه الأوروبيون على المنطقة من خلال الاستعمار في القرنين التاسع عشر والعشرين. وقد تميزت سياستها الخارجية، حتى وقت قريب جدًا، بشكل شبه كامل بالحذر، وباحترام النظام العالمي باعتباره الضامن لمصالحها وللاستقرار المحلي والإقليمي. كما وكانت من الحلفاء الثابتين للغرب، ولا سيما الولايات المتحدة.
على السياق الدولي، تبتعد المملكة العربية السعودية إلى حد كبير عن وجهات نظر “داعش”وسياساتها. فـ”داعش” هي بلا شك أكثر معاداة بكثير لنظام ويستفاليا الدولي (نظام الدول ذات السيادة التي تقبل شرعية سلطة بعضها البعض داخل أراضيها المعترف بها، من دون التدخل إلا في الحالات القصوى) حتى من الدول التي تنتمي إلى اليمين أو اليسار الأكثر تطرفًا، والجماعات السياسية الرئيسية، من القرن العشرين. إذ إن “داعش” ترفض تمامًا نظام الدولة الدولي. فأيديولوجيتها التي تؤمن بأن نهاية العالم قريبة، والتي يبدو أنها تؤمن بها في الواقع، تجعل منها الطرف الدولي الوحيد، وحتى الأبرز، في الذاكرة الحية الذي يرفض كل جوانب نظام الدولة، ناهيك عن النظام الإقليمي في الشرق الأوسط. وقد سعت معظم الدول الانفصالية والحركات المنشقة للانضمام (حتى ولو بشروطها المتطرفة الخاصة)، إلى النظام الدولي، وليس إلى إبادته. أما “داعش” فتعرّف عن نفسها على أنها أشد الأطراف معارضة لهذا النظام.
من ناحية أخرى، اعتبرت المملكة العربية السعودية أنه حتى القومية العربية شبه الاشتراكية التي روّج لها الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر هي ثورية لدرجة أن تشكل تهديدًا لا يُحتمل. أضف إلى ذلك أنها نظرت إلى بروز تطرف “القاعدة” اليميني المتطرف شبه الديني مع خوف متزايد على مدى العقدين الماضيين. فقد اعتبرت الرياض أن هاتين الظاهرتين السياسيتين الإقليميتين مختلفتان جدًا، إلى جانب عوامل أخرى كثيرة، تطرح تهديدًا بالنسبة إليها لأنها تواجه معتقدات الدولة السعودية وسياساتها الجوهرية، والأهم من ذلك التزامها بالنظام الإقليمي والدولي القائم وبالوضع الراهن عمومًا. بالتالي، فإن سياسات “داعش” وممارساتها الدولية بعيدة كل البعد عن سياسات المملكة وممارساتها. إذ تسعى “داعش” إلى تدمير نظام الدولة الإقليمي، والدولي في نهاية المطاف، من جميع جوانبه. أما المملكة العربية السعودية، فهي تلتزم بالمحافظة على هذا النظام كهدف رئيسي لسياستها الخارجية، مهما كلف الأمر فعليًا.
إلى جانب ذلك، فإن المساواة الأخلاقية بين “داعش” والمملكة العربية السعودية التي اقترحها كل من فريدمان وداود والعديد من الكتاب الآخرين في الغرب والعالم العربي الذين طرحوا نقاطًا مماثلة، هي معادلة غير مقنعة. فببساطة ليس صحيحًا أن سلوك المملكة العربية السعودية مشابه لسلوك “داعش”. فالمملكة لا تتاجر بالبشر للجنس أو تدعو إلى إعادة العبودية، أو تطبق ذلك. كما أنها لا تذبح المسلمين الشيعة والأقليات الدينية الأخرى. وهي لا تغرق الإنترنت بمقاطع فيديو تظهر قتل الأشخاص أو إضرام النار في الجنود الأسرى. كما أن المملكة العربية السعودية لا تعتمد برنامجًا دوليًا هائلًا للخطف والابتزاز وافتداء الرهائن، مع اعتبار القتل البديل الوحيد عن الدفع. وفي النهاية، هي لا ترسل عملاءها الرئيسيين لقتل المدنيين في باريس أو بيروت، أو لزرع قنابل في الطائرات، وما إلى ذلك.
من هنا فإن أي مقارنة لا تعترف بهذه الاختلافات الواضحة وعدد آخر لا يحصى منها بين أيديولوجية “داعش” وسلوكها من جهة وأيديولوجية المملكة العربية السعودية وسلوكها من جهة أخرى ستكون عبارة عن انتقاء محدود من بين حقائق هامة. فهي تفشل في الاعتراف بالاختلافات الرئيسية حيث تحدد بعض أوجه الشبه المقلقة (في ما يلي تفاصيل أكثر عنها). مما يجعلها تستهين بالأهوال التي ألحقتها “داعش” ويبالغ بالمخاوف المشروعة من بعض السياسات والممارسات السعودية. بالتالي، فإنها تخفف من فرادة التجاوزات الأخلاقية غير العادية إلى حد كبير التي ارتكبتها “داعش”، ذات الشبيه الحقيقي القليل، إن وُجد، في الماضي القريب. من خلال القيام بذلك، فإنها تحد من النقد الهادف لجوانب السياسة والثقافة والممارسات الدينية والخطاب الديني السعودي المسموح به من خلال السخرية عبر نقد خطير.
إن عقوبة الإعدام بتهمة “الردة” التي حُكم بها مؤخرًا على الشاعر الفلسطيني أشرف فياض، المقيم مدى الحياة في المملكة العربية السعودية والذي كان لاعبًا رئيسيًا وبنّاءً للغاية في المشهد الثقافي والفني السعودي، ليست سوى أحدث مثال على السلوك القاسي غير المبرر للنظام القضائي السعودي، والذي كان ليُنظر إليه في معظم المجتمعات في أسوأ الأحوال على أنه تجاوز محدود، وفي كثير من الحالات على أنه سلوك شرعي تمامًا.
وتشمل الحالات الأخرى قائمة طويلة من الاعتقالات الوحشية والملاحقات القضائية والأحكام الصادرة بحق الشعراء والمدونين، في كثير من الأحيان بتهمة “الردة”، والتي تتعارض بشكل صارم مع المعايير الدولية الأساسية المتعلقة بحرية التعبير والدين والضمير. وقد شملت حالات أخرى المتهمين بـ”الشعوذة” أو حيازة الكحول أو المخدرات أو الجرائم الأخرى التي تصنفها المعايير الدولية النموذجية على أنها عبارة عن سلوك شرعي، أو سلوك معتدٍ إلى حدٍ ما لا يستدعي عقوبة الإعدام أو أي شيء مماثل، أو اتهامات جنائية تبدو، حتى في معظم الأنظمة القضائية العربية والإسلامية الأخرى، من عهد ما قبل العصر الحديث بشكل ملفت في فئاتها الأساسية (مثل السحر). هذا وتم إصدار الأحكام بالإعدام بحق الناشطين الشيعة من المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، اعتبر العديد من المراقبين أنها تمت بدافع العداء السياسي والتحيز الطائفي أو كليهما.
يُذكر أن تقارير منظمة العفو الدولية أشارت إلى أن 151 شخصًا قد أعدموا في المملكة العربية السعودية في العام 2015، وهو أعلى رقم منذ العام 1995. إذ أشارت المنظمة إلى أنه “في العام 2015، وحتى الآن، تم في المتوسط قتل شخص واحد كل يوم”. إن حقيقة أن الولايات المتحدة تنضم إلى المملكة العربية السعودية وإيران والصين في تطبيق حكومة الإعدام في معظم الأحيان، والتي يمكن فيها الحكم على الأحداث بالإعدام في بعض الحالات، لا تنجح كثيرًا في التخفيف من أثر هذا السجل على سمعة المملكة العربية السعودية على الصعيد الدولي.
لقد بذلت “داعش” جهدًا كبيرًا لجعل نفسها تشكل مرادفًا للعقوبات الصارمة والتقيد الصارم بتفسير قمعي بشكل متطرف ووحشي للشريعة الإسلامية. إذ إن غالبية المسلمين لا يعترفون بسياساتها وممارساتها المتطرفة، سواء من حيث معايير يومنا هذا أو من حيث تصور الماضي الإسلامي. تكمن المشكلة بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية في أنه إذا كنا سندقق في العالم الإسلامي بحثًا عن المعتقدات والسلوكيات المشابهة لـ”داعش”، ستكون المقارنة الأكثر وضوحًا مع التفسيرات الرسمية وشبه الرسمية للإسلام التي سنتها، لا بل وروجت لها، المملكة العربية السعودية. حول هذه النقطة، لا يمكن التشكيك في رأي فريدمان وداود. فالمملكة العربية السعودية احتضنت النموذج “الوهابي” للحكم والفقه والنظام الاجتماعي الإسلامي وروجت له بقوة، والذي هو أقرب ما يكون إلى سوء حكم “داعش” وبلا شك المصدر الرئيسي لبعض الأفكار الأساسية التي تطبقها “داعش” في المناطق التي تقع، ولسوء حظها، تحت سيطرتها.
طبعًا هذا لا يعني أن المملكة العربية السعودية مساوية لـ”داعش”، للأسباب العديدة والجوهرية والخطرة المبينة أعلاه. ولكن سيكون من غير الصادق والمجدي أن ننكر أن جزءًا كبيرًا من تفسير الإسلام المقلق الذي تشرعه “داعش”، يمكن أن يعود بأصوله إلى الدعاة ورجال الدين والمفكرين السعوديين، وحتى الجهات الرسمية السعودية. أضف إلى ذلك أن فريدمان وداود محقان أيضًا في الإشارة إلى التأثير السلبي للغاية للجهات الرسمية وشبه الرسمية السعودية التي كانت تنشر التفسيرات المتعصبة والمتطرفة للإسلام في جميع أنحاء العالم الإسلامي، من الدول العربية مرورًا بباكستان وصولًا إلى إندونيسيا. وقد ساعد ذلك عن غير قصد الشباب الذي هو في قمة غضبه على الانضمام إلى “داعش” أو تنظيم “القاعدة” وثبت أنه يطرح مشكلة كبيرة ليس فقط للمملكة العربية السعودية وحلفائها، ولكن للعالم بأسره. إلى أن تعكس المملكة هذه السياسات فعليًا وتبدأ بمعالجة المشاكل التي قد تتفاقم، ستكون معرضة للانتقادات المشروعة بشأن أصول الأفكار المتطرفة وانتشارها بين المتطرفين المسلمين في جميع أنحاء العالم.
ولكن الأمر قد يكون يحدث بالفعل. ففي الطبعة التي صدرت في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر من صحيفة نيويورك تايمز، نشر فريدمان مقالًا ملحقًا بالأول واصفًا زيارته الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية، مما اضطره على ما يبدو إلى إعادة النظر في بعض الآراء المؤكدة التي عرضها سابقًا. إذ قال فريدمان: “صادفتُ شيئًا لم أكن أعرفه: شيء ما يتحول في هذا المجتمع. فالمملكة العربية السعودية ليست كما أخبرنا أجدادنا”. ويتابع واصفًا التغييرات التي لاحظ أنها “متحولة” في المجتمع السعودي، ويخلص إلى القول: “ما زالت هناك زوايا مظلمة هنا تصدّر الأفكار المتعصبة. ولكن يبدو أنها تواجه الآن منافسة حقيقية على مستوى القاعدة الشعبية ومن القيادة التي تسعى إلى بناء الشرعية حول أدائها، وليس فقط إلى التقوى أو اسم العائلة”. وسرعان ما أضاف أن لا شيء من هذا ينفي الأضرار التي لحقت بالداخل السعودي وبجميع أنحاء العالم العربي من خلال انتشار الأفكار المتعصبة من المملكة العربية السعودية في العقود الماضية، كما لا ينفي واقع أن بعض هذه الجوانب ما زالت مستمرة. فالمملكة العربية السعودية تتغير، ولكن ليس لدرجة لم يعد بالإمكان التعرف عليها أو لدرجة تحولها بالكامل. ولكن فريدمان سحب بشكل ملحوظ مرة أخرى وجهة النظر التي أعرب عنها في عموده في أيلول/ سبتمبر، والذي لم يكن فقط سلبيًا بشكل تام تقريبًا بل أقام مساواة ما بين المملكة العربية السعودية و”داعش”. من الواضح أنه لا يمكن أن تبقى هذه المقارنة صامدة أمام تقييم نزيه للزيارة الأخيرة للمملكة، لأنها غير صحيحة تمامًا.
إن المقارنة الرائجة ما بين المملكة العربية السعودية و”داعش”، لا سيما بعد اعتداءات باريس، استفزازية بقوة. ولكنها مضللة إلى حد كبير بناءً على الركائز الأساسية والسياسية. ومن المرجح أن يستمر هذا الخطاب، لا بل وقد يكسب القوة إلى حد كبير على الرغم من ضعفه، في حال استمرت السلطات القضائية السعودية في التصرف تجاه فئات معينة من “المجرمين” المتهمين بالشدة والطغيان التي كانت تعتمدها، بطرق متعددة، منذ تأسيس المملكة الحديثة. وهذه مشكلة كبيرة وخاصة في المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بالمتهمين الذين توجه إليهم تهمة ما يُنظر إليها من قبل معظم المراقبين الخارجيين، بما في ذلك الكثير من العالمين العربي والإسلامي، على أنها أنشطة سياسية وثقافية وتعبير عن الآراء ينبغي حمايتها بدلًا من محاكمتهم عليها، أو على أنها مخالفات طفيفة يمكن، ويجب، التعامل معها بتدابير بعيدة كل البعد عن الإعدام أو الجلد.