ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
في مكان ما من مدينة قم المقدسة في إيران، تقوم الجمهورية الإسلامية بتعليم الجيل القادم من الثوريين المسلمين: يتم إغواء الشباب من جميع أنحاء العالم للقدوم إلى إيران عن طريق مزيج من المثالية والمغامرة والانتهازية. وتضم هذه المجموعة من الطلبة الدوليين، يمنيين ممن تم تنظيمهم في رابطة طلاب العقيدة من اليمنيين المقيمين في قم. وتضمنت قائمة خريجي الرابطة حسين بدر الدين الحوثي الذي قُتل في معركة مع قوى الأمن اليمنية في 10 أيلول/ سبتمبر 2004.
من غير المحتمل أن تقوم الجمهورية الإسلامية بالكشف عن البنية التحتية الإيديولوجية والتدريبية العسكرية الضخمة للطلبة الأجانب في إيران في وقت قريب. ومع ذلك، وفي ظل ضغوط دبلوماسية واقتصادية مشددة من الولايات المتحدة، تحرص إيران على إقناع الاتحاد الأوروبي بالإبقاء على الاتفاقية النووية الإيرانية، وربما بعد تعرض الحوثيين اليمنيين لنكسات عسكرية، ترسل طهران الآن برقيات تفيد برغبتها في وقف إطلاق نار لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن.
ربما بسبب اهتمام الإدارة الأمريكية لإظهار دعمها القوي لحلفائها الإقليميين الرئيسيين، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، طفت قضية اليمن على السطح كنقطة خلاف مهمة بين طهران وواشنطن. وقد أعرب الرئيس دونالد ترامب في مناسبات عِدة عن قلقه إزاء سلوك الجمهورية الإسلامية، بما في ذلك “التهديد الذي يشكله الحوثيون على المنطقة، بمساعدة من فيلق الحرس الثوري الإيراني الإسلامي”. بالإضافة إلى ذلك، أصر وزير الخارجية مايك بومبيو على المطالب الأمريكية المتعلقة بالأنشطة النووية والصواريخ البالستية للجمهورية الإسلامية، إضافة لتورطها العسكري في الشرق الأوسط، بما في ذلك الحرب في اليمن. وفي أعقاب إلغاء واشنطن للاتفاق النووي الإيراني، من المحتمل أن تؤدي أي من هذه القضايا إلى مواجهة عسكرية بين المتخاصمين.
يحاول الأوروبيون الراغبون في الحفاظ على الصفقة النووية الإيرانية ومنع حرب أخرى في الشرق الأوسط إقناع طهران بتقديم تنازلات لواشنطن. فقد قدموا لإيران قائمة طويلة من المطالب، بما فيها كبح أنشطتها النووية، والحد بشكل كبير من برنامجها للصواريخ البالستية، والتقليل من وجودها العسكري وطموحاتها في المنطقة.
وقد أوضح القائد الأعلى آية الله علي خامنئي والحرس الثوري الإيراني أن إيران لن تقدم المزيد من التنازلات فيما يتعلق بأنشطتها النووية المذكورة في الصفقة النووية، كما أنها تعتبر برنامج الصواريخ البالستية جزءًا حيويًا من دفاعها القومي. وهناك مجال واحد فقط، مستعدة طهران فيه للتسوية: وهو اليمن.
ولطالما رفضت سلطات الجمهورية الإسلامية بشكل مستمر المزاعم الأمريكية المتعلقة بتورط إيران العسكري في اليمن. ومع ذلك، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، اعترف اللواء محمد علي الجعفري، القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني، بأن إيران تقدم “مساعدات استشارية” لحلفائها الحوثيين في ذلك البلد.
وفي 28 أيار/ مايو، وصل وفد إيراني بقيادة حسين جابري الأنصاري، نائب وزير الخارجية، إلى روما للاجتماع بوفد الاتحاد الأوروبي برئاسة هيلغا شميد، الأمين العام للدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية. وجرت المفاوضات الإيرانية الأوروبية خلف أبواب مغلقة، لكن المحادثات كانت بالطبع تدور حول التطورات في اليمن.
وقدم مسؤول في الاتحاد الأوروبي تفاصيل لرويترز في 29 أيار/ مايو: “لقد قدم الإيرانيون مؤشرات على استعدادهم الآن لتقديم خدماتهم للتنسيق مع الحوثيين للمضي قدمًا”. وأضاف المسؤول: “يدرك الإيرانيون الآن على الأقل أن هناك وسيلة. من الواضح أنهم لا يقولون إنهم يسيطرون على الحوثيين ولن يفعلوا أبدًا، لكنهم يدركون أن لديهم تأثيرًا معينًا عليهم وأنهم مستعدون لاستخدام هذه الوسائل. وهذا هو الجديد.” هناك ما هو جديد أيضا في نهج طهران: يبدو أن الجمهورية الإسلامية مستعدة لبيع قضية الحوثيين مقابل الدعم الأوروبي ضد ضغوط واشنطن. ربما توصل النظام إلى هذا القرار لصعوبة تسليح الحوثيين بسبب الولايات المتحدة بالدرجة الأولى، ودوريات الأسطول الخامس في الخليج، والمخاطر الحقيقية للغاية من إثارة نزاع عسكري مع الولايات المتحدة أثناء محاولتها القيام بذلك. وبدلاً من ذلك، قد تستخدم طهران مثل هذه المناورة لإعطاء الحوثيين الوقت اللازم لقلب موازين الحرب لصالحهم- وإعادة تنظيم أمورهم بينما تمنح إيران الوقت للتفكير في طرق جديدة لتوريد الأسلحة.
الوقت وحده هو الذي سيحدد ما إذا كانت طهران تضحي بحلفائها اليمنيين أو أنها متورطة في مناورة تكتيكية لكسب الوقت كي تقلب الفرص الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية الأخيرة لصالحها. ومع ذلك، فالأمر الذي يزداد وضوحًا هو أن طهران تبدو وكأنها تنظر إلى حلفائها اليمنيين باعتبارهم قوة مستهلكة.