في 25 أكتوبر/تشرين الأول، استولى القادة العسكريون في السودان على السلطة، ما أدى إلى قلب عملية الانتقال، غير المستقرة، للحكم المدني في البلاد. يُعد السودان شريكًا اقتصاديًا وسياسيًا وجيوستراتيجيًا رئيسيًا لدول الخليج العربية، لذلك أثارت هذه الأحداث المخاوف في منطقة الخليج والشرق الأوسط على نطاق أوسع، لأنها تعرض عملية التحول السياسي الهشة والاقتصاد المتعثر في البلاد للخطر. إن موقع السودان الاستراتيجي على طول البحر الأحمر ومنطقة القرن الأفريقي الحيوية، حيث تعمل كلٌ من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر على تعزيز وجودهم السياسي والاقتصادي والعسكري في السنوات الأخيرة، يزيد من أهمية البلاد الاستراتيجية لدول الخليج.
يمكن للدول التي تقيم علاقات قوية، بشكل خاص، مع القائد العسكري الفريق عبد الفتاح البرهان، مثل السعودية والإمارات، أن تلعب دورًا في إقناع الجيش السوداني بالإفراج عن القادة المدنيين، والعودة إلى الوثيقة الدستورية، التي وُضعت لضمان الانتقال إلى الحكم المدني. وعد البرهان بالإعلان عن رئيس وزراء جديد، والمضي على طريق الانتخابات في عام 2023. ومع ذلك، أعربت معظم دول المنطقة والمجتمع الدولي عن مخاوف كبيرة، وأدانت الانقلاب العسكري، داعين إلى العودة للحكم المدني. في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني، انضمت الدولتان الخليجيتان إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في الدعوة إلى العودة للحكومة التي يقودها المدنيون. تجري جهود الوساطة في الخرطوم بدعم من الأمم المتحدة، وقد صرح مبعوث الأمم المتحدة الخاص للسودان، فولكر بيرتس، للصحفيين، أن “هناك شعورًا عامًا بضرورة إيجاد مخرج”.
انقلاب 25 أكتوبر
في 25 أكتوبر/تشرين الأول، قام كبار الجنرالات السودانيين باعتقال رئيس الوزراء المدني في البلاد، عبد الله حمدوك، إلى جانب قادة مدنيين آخرين في الحكومة المؤقتة. سمح القادة العسكريون لحمدوك بالعودة إلى بيته، لكن التقارير تفيد بأنه قيد الإقامة الجبرية، وظل العديد من القادة المدنيين الآخرين رهن الاعتقال. أعلن البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، وهو هيئة الحكم الانتقالي المدنية-العسكرية السودانية، التي تقود البلاد منذ أغسطس/آب 2019، حل المجلس، وأعلن حالة الطوارئ، قائلاً إنه بهذا يحمي البلاد من الحرب الأهلية. قام القادة العسكريون بقطع الإنترنت وتعطلت خطوط الهاتف بشكل متقطع على مدار الأسبوع الماضي. جاءت ردة فعل المواطنين السودانيين سريعة، حيث حشدوا آلاف المتظاهرين، رافضين الانقلاب، وطالبوا بعودة الحكم المدني والانتقال الديمقراطي. في 30 أكتوبر/تشرين الأول، نزل عشرات الآلاف من المتظاهرين السودانيين إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد، على الرغم من قمع التظاهرات بشكل عنيف، حيث قُتل ما لا يقل عن 12 شخصًا وجُرح المئات. كانت رسالة المحتجين واضحة في جميع أنحاء مدن السودان، “لا لحكم العسكر”. واستمرت هذه الاحتجاجات في 31 أكتوبر/تشرين الأول، مع التخطيط لمزيد من الاحتجاجات في الأسبوع المقبل.
بدأ الجيش بالاستيلاء على السلطة بعد ساعات فقط من لقاء المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان مع كبار القادة السودانيين للمساعدة في حل الخلافات بين القيادة العسكرية والمدنية بعد أسابيع من محاولة الانقلاب الفاشلة. ويذكر أن برهان قد أعرب خلال الزيارة عن خيبة أمله من الحكومة المدنية، لكنه لم يشر إلى أنه سيتولى السلطة. وتفيد التقارير أن محاولة الانقلاب، التي تم إحباطها في سبتمبر/أيلول، قد تم الإعداد لها من قبل الجيش والمدنيين الموالين للرئيس السوداني السابق عمر البشير، الذي تمت الإطاحة به في أبريل/نيسان 2019 بعد حركة احتجاجية تاريخية في جميع أنحاء البلاد. وقد أثار ذلك المزيد من المخاوف في السودان وفي المجتمع الدولي بشأن التزام الجيش بالانتقال إلى الحكم المدني.
جاء انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول قبل أقل من شهر على الموعد المقرر لتسليم برهان قيادة مجلس السيادة الانتقالي إلى شخصية مدنية، وهو تحول كبير كان من المرجح أن يؤدي إلى الحد من نفوذ الجيش على الفترة الانتقالية. من بين الخلافات الأخرى مع القادة المدنيين، هنالك مخاوف شخصية لدى جنرالات السودان في مجلس السيادة الانتقالي، وخاصة برهان، بشأن فقدان السيطرة، خاصة فيما يتعلق بقرار ما إذا كان ينبغي محاكمة البشير في السودان أو في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. كتب المحلل الأفريقي أليكس دي وال (Alex de Waal)، “لديهم سبب وجيه للخوف من أن البشير سينعتهم بالمجرمين على الفظائع المزعومة التي ارتُكبت خلال حرب دارفور. كما أنه لدى الجنرال برهان وزملائه من الضباط المزيد من الأسباب للخوف من أن التحقيق في مذبحة الخرطوم في يونيو/حزيران 2019 سيوجه أصابع الاتهام إليهم”. يخشى القادة العسكريون الانفتاح على المساءلة القانونية المدنية عن دورهم في الفظائع التي ارتكبت خلال عقود من الحرب الأهلية في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك منطقة دارفور.
ردود الفعل الدولية والإقليمية
جاءت الإدانة الدولية للانقلاب العسكري وعملية قتل المتظاهرين سريعة. فقد علق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان بسبب “الاستيلاء غير الدستوري” على السلطة. ووصف الرئيس جوزيف بايدن هذه الخطوة بأنها “نكسة خطيرة”، ووصف فيلتمان الأحداث بأنها “غير مقبولة على الإطلاق”. وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وزعماء أوروبيون وغيرهم بالانقلاب، ودعوا إلى الإفراج الفوري عن القادة المدنيين.
ومن داخل المنطقة، جاءت التصريحات كذلك، بدرجات متفاوتة، بالإدانة. أصدرت جامعة الدول العربية بيانًا أكدت فيه على “قلقها العميق” من “الانقلاب العسكري”. وصرحت منظمة التعاون الإسلامي بأنه ينبغي على قادة البلاد “الالتزام بالوثيقة الدستورية، وما تم الاتفاق عليه خلال الفترة الانتقالية”. ودعت وزارة الخارجية السعودية في البداية إلى “الانضباط، والهدوء، ووقف التصعيد والحفاظ على كافة المكاسب السياسية والاقتصادية التي تم تحقيقها، وكل ما يهدف إلى حماية وحدة الصفوف بين جميع المكونات السياسية في السودان الشقيق”. وأكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية “على ضرورة الحفاظ على ما تحقق من مكتسبات سياسية واقتصادية وكل ما يهدف إلى حماية سيادة ووحدة السودان، مؤكدة وقوفها إلى جانب الشعب السوداني الشقيق”. وعبرت وزارة الشؤون الخارجية القطرية عن تطلعها “إلى عودة العملية السياسية تحقيقاً لتطلعات الشعب السوداني”. أما جارة السودان القوية في الشمال، مصر، فقد حثت “كافة الأطراف السودانية الشقيقة، في إطار المسئولية وضبط النفس لتغليب المصلحة العليا للوطن والتوافق الوطني”.
في 26 أكتوبر/تشرين الأول، أفادت وكالة رويترز أن سفراء السودان في 12 دولة وقعوا بيانًا يرفض الانقلاب، ومن بين هذه الدول الإمارات وقطر والكويت. وردًا على ذلك، أبعد الجيش السوداني العديد من سفرائه، ومن بينهم مبعوثون سودانيون للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين وفرنسا وقطر، بالإضافة إلى رئيس بعثة البلاد في مدينة جنيف السويسرية.
علقت الولايات المتحدة والمنظمات الدولية مؤقتًا المعونات المُلحة للسودان. فعلقت الولايات المتحدة 700 مليون دولار من المساعدات الطارئة. وقام البنك الدولي بتجميد 3 مليارات دولار من المنح التي كان من المقرر أن يحصل عليها السودان هذا العام لدعم الرعاية الصحية والتنمية الزراعية والتعليم والنقل، وغيرها من الخدمات العامة الأساسية. لقد أدى الانقلاب إلى تغيير مسار هذا الفيض من الدعم المالي، الذي تعد البلاد في أمَس الحاجة إليه، في الوقت الذي كانت الفوائد الاقتصادية على وشك الظهور.
في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، أصدرت السعودية والإمارات بيانًا مشتركًا مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يدعو إلى العودة إلى “شراكة مدنية-عسكرية حقيقية”، ويدعو كذلك للإفراج عن السجناء السياسيين وإنهاء حالة الطوارئ. وتابع البيان، “وهذا من شأنه أن يساعد في ضمان وصول السودان إلى الاستقرار السياسي والانتعاش الاقتصادي لكي تتمكن البلاد من الاستمرار في الفترة الانتقالية بدعم من أصدقاء السودان وشركائه الدوليين”. من شأن هذا الاستنكار الواضح على الملأ من قبل اثنين من الحلفاء الإقليميين لبرهان أن يزيد من الضغوط على قائد الانقلاب والتسبب في عزلته.
العامل الخليجي
تعد العلاقات السودانية مع دول الخليج من المتغيرات المهمة في الساحة السودانية، وقد اتضح ذلك مؤخرًا مع قيام المسؤولين الأمريكيين بالتواصل مع السعودية لبحث الأزمة السياسية في السودان. حسب التقارير الواردة، طلبت الولايات المتحدة من دول الخليج الضغط على جنرالات السودان للإفراج عن القادة المدنيين، وإعادة الحكومة المدنية السابقة. يحافظ قادة السودان، ولا سيما العسكريين منهم، على روابط قوية مع دول الخليج. تتمتع السعودية والإمارات بعلاقات وثيقة، بشكل خاص، مع أقوى جنرالين في السودان – برهان، الذي يقود الجيش السوداني وكان يتزعم مجلس السيادة الانتقالي قبل أن يقوم بحله، والجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، الذي يقود قوات الدعم السريع شبه العسكرية. كلا الجنرالين متورطان مع قواتهما في جرائم كبرى، بما في ذلك قتل وجرح المتظاهرين. ولكنهما اشتركا كقائدين رئيسيين مع رئيس الوزراء المدني المخلوع مؤخرًا، حمدوك، في حكم السودان خلال الفترة الانتقالية.
كانت علاقات دول الخليج مع الحكومة السودانية متذبذبة، حتى خلال حكم الرئيس المخلوع البشير الذي دام 30 عامًا. وصف بعض الخبراء سياسة البشير تجاه دول الخليج بكونها تمتاز “بالحياد” والتوازن الاستراتيجي، نظرًا لحاجة البلاد للمساعدات الطارئة والدعم في الوقت الذي كانت فيه السودان تخضع لعقوبات دولية. ويجادل خبراء آخرون بأنه حتى السنوات الأخيرة من حكم البشير، كان السودان يتمتع بعلاقات أقوى مع قطر وتركيا، لما لدى نظام البشير من جذور تربطه بالإخوان المسلمين، بالإضافة إلى علاقاته مع إيران. كانت العلاقات السودانية-القطرية قوية، بشكل خاص، قبل عام 2017، حين كانت قطر تتوسط في المفاوضات المتعلقة بالصراع في منطقة دارفور السودانية، ما أفضى إلى توقيع وثيقة الدوحة للسلام في دارفور في مايو/أيار 2011، وكانت قطر أيضًا أكبر المانحين من الخليج العربي للسودان من عام 2012 إلى 2017.
ومع ذلك، في عام 2015، بدأ نظام البشير بالانحياز بشكل وثيق إلى المحور السعودي-الإماراتي عندما قدم السودان حوالي 10000 جندي للتحالف الذي تقوده السعودية والذي يتدخل في الحرب اليمنية. في المقابل، أودعت السعودية مليار دولار في بنك السودان المركزي في عام 2015. ووفقًا لبعض التقديرات، بحلول عام 2018، كانت الإمارات قد قدمت دعمًا للاقتصاد السوداني المتعثر تصل قيمته إلى 7.5 مليار دولار تقريبًا، بما في ذلك احتياطي البنك المركزي من العملة الأجنبية الذي كان في أمس الحاجة إليها إلى جانب الإعانات الكبيرة من الوقود. كما ازدادت المساعدات التنموية السعودية والإماراتية للسودان، بشكل كبير، بدءًا من عام 2015. وبدوره، التحق البشير بالسعودية ودول الخليج الأخرى في قطع العلاقات مع إيران في عام 2016 بعد تعرض السفارة السعودية في طهران لهجوم من قبل المتظاهرين. ومن الملاحظ، مع ذلك، أن البشير لم يتبع خطوات السعودية والإمارات في قطع العلاقات مع قطر في يونيو/حزيران 2017، واختار البقاء على الحياد في الخلاف الخليجي الذي استمر من عام 2017 إلى 2021.
بعد الإطاحة بالبشير في أبريل/نيسان من عام 2019، اتفق الجيش وجماعات المعارضة المسلحة والمدنية على خارطة طريق للانتقال من الحكم العسكري إلى الحكم المدني والانتخابات في عام 2023. وتمت إقامة المؤسسات الانتقالية بإعلان دستوري، ومنها مجلس السيادة الانتقالي، الذي حله البرهان. وعقدت المزيد من محادثات السلام بين الفصائل المسلحة في جوبا، جنوب السودان، ووقعت معظم الجماعات المتحاربة في السودان على إعلان جوبا في أكتوبر/تشرين الأول 2020. في الوقت الذي أشاد الكثيرون بهذا الإعلان باعتباره نصرًا، جادل جان بابتيست جالوبين (Jean-Baptise Gallopin)، “بأنه لا يقدم أي حلٍ للنزاعات الطائفية التي أصبحت تحدد أنماط العنف الجديدة في أطراف السودان منذ الثورة (2018-2019)، ويلتزم الصمت بشأن قضايا التنفيذ الرئيسية… ربما لا تفضي الصفقة إلا إلى زيادة في صفوف الأجهزة العسكرية والأمنية السودانية المتضخمة والخارجة على القانون”. لكنه أشار إلى أن دفع الجماعات المتمردة لوقف القتال كان أمرًا تاريخيًا، وأدى إلى تحويل ميزان القوى في السودان بعيدًا عن أصحاب السلطة التقليديين.
أفضت الفترة الانتقالية في السودان إلى انفتاح كبير على صعيد العلاقات مع دول الخليج. كان الاقتصاد السوداني، بشكل خاص، في وضع محفوف بالمخاطر في عام 2019، وقدمت دول الخليج، وخاصة الإمارات والسعودية، دعمًا للهيئات الانتقالية، التي يهيمن عليها العسكريون، من خلال تعهدات بمليارات الدولارات على شكل حزم مساعدات واستثمارات. كما أقامت السعودية والإمارات علاقات أقوى مع الجهات السياسية السودانية الرئيسية، وخاصة القادة العسكريين – من خلال التعاون الأمني المتزايد مع مجموعات مثل قوات الدعم السريع، شبه العسكرية القوية بقيادة حميدتي، والتي تم نشرها في ليبيا واليمن للقتال إلى جانب الأطراف الفاعلة التي تدعمها السعودية والإمارات – ومن خلال زيادة المساعدات الاقتصادية.
إن تأثير هذه الدول الخليجية وعلاقتها بالجنرالات السودانيين الرئيسيين، إضافة إلى التدخل الأجنبي الأوسع في المرحلة الانتقالية للسودان، يشكل مصدر قلق متزايد لكثير من المواطنين السودانيين. على سبيل المثال، نظم المتظاهرون احتجاجات لرفض حزمة المساعدات السعودية الإماراتية لعام 2019، وأدانوا النفوذ السعودي والإماراتي على السودان. ويُذكر أن العديد من المواطنين السودانيين يرون في الدعم السياسي والمالي السعودي والإماراتي للقادة العسكريين، وغيرهم من القادة السياسيين، مؤشرًا على دعمهم للاستبداد على حساب الديمقراطية بسبب الدور الذي لعبته السعودية والإمارات، إلى جانب الحلفاء مثل مصر، منذ 2011 في دعم حركات “الثورة المضادة” في أعقاب احتجاجات الربيع العربي.
علاوة على ذلك، حذى السودان حذو الإمارات ووقع اتفاقية تطبيع مع إسرائيل في يناير/كانون الثاني، ما زاد من تعزيز الروابط بين القيادة السياسية السودانية وأبوظبي. وعملت الاتفاقية على البدء بعملية التطبيع، لكن مستقبلها لا يزال غير مؤكد لأنه مرهون بموافقة البرلمان الذي لم يتم تشكيله بعد. وأدى توقيع السودان على اتفاقيات أبراهام إلى دفع الولايات المتحدة لشطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإزالة الموانع أمام التمويل الدولي والمساعدات التي كانت قائمة منذ عقود، على الرغم من أن هذه المساعدات أصبحت معرضة للخطر، مرة أخرى، بسبب المخاوف الدولية بشأن الانقلاب.
السودان في خطر
إن انتزاع برهان للسلطة يعرض مرحلة التحول السياسي والانتعاش الاقتصادي الهش في السودان للخطر. إن سياسة قمع الاحتجاجات بعنف وتجميد حزم المساعدات الرئيسية من المجتمع الدولي، نتيجة الانقلاب، تسببت بالفعل في حالة من عدم الاستقرار في السودان، وهذا لا يخدم مصالح شركاء السودان الخليجيين. تضغط الولايات المتحدة على شركاء السودان الرئيسيين في الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، نظرًا لعلاقتهما بقادة الجيش، من أجل العودة إلى العملية الانتقالية نحو الحكم المدني والانتخابات. إن الزمن وحده كفيل بإعلامنا بمدى شدة هذه الضغوط الخليجية، وما إذا كان جنرالات الجيش سيستجيبون لمطالب مواطنيهم والضغوط الدولية المتزايدة، لكن يبدو أن هذا الاحتمال ينخفض يومًا بعد يوم. فقد أظهر الشعب السوداني رفضه للانقلاب العسكري، ومن المرجح أن تتواصل الاحتجاجات، بالتزامن مع هشاشة الانتعاش الاقتصادي، الذي تتزايد الضغوط عليه بفعل العمليات المتتالية من تعليقٍ للمساعدات الدولية، ومن المرجح أن يتعرض السودان لمزيد من حالة عدم الاستقرار، التي ستكون لها تداعيات على منطقة القرن الأفريقي المضطربة أصلاً.