أدت موجة القتل الشرسة والجريئة التي شنتها حركة حماس في جنوب إسرائيل، والتي تثير الغضب الإسرائيلي الذي كانت الحركة تسعى إليه، إلى تجميد جهود واشنطن في صياغة اتفاق ثلاثي مع المملكة العربية السعودية وإسرائيل يقوم على تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين. من منظور السعودية، لا يمكن الاستمرار في المفاوضات لأن هذه الاضطرابات تنطوي على الكثير الكثير من الأسئلة المفتوحة. لذلك، ليس من المستغرب أن تعلن السعودية عن تجميد المفاوضات بشأن الاتفاق الثلاثي المحتمل مع الولايات المتحدة وإسرائيل. ولكن المدة التي سيستغرقها هذا التجميد ومداه يعتمدان كليًا على الأحداث التي ستجري في الأيام والأسابيع القادمة.
سوف تعتمد الحسابات الاستراتيجية على فهم المعادلة العسكرية والاستراتيجية والدبلوماسية الإقليمية، وأثر الأحداث الأخيرة على الرأي العام في السعودية، وغيرها من دول الخليج العربية، والعالم العربي على نطاق أوسع، بل وحتى الدول ذات الأغلبية المسلمة على مستوى العالم. لذلك، من المرجح ألا تقوم الرياض بأي شيء قبل أن تدرك الخطوط العريضة الأساسية للصراع وآثاره المحتملة. وسوف تتشكل الحسابات والتغييرات في السياسة السعودية، وحتى للولايات المتحدة، وفقًا لما سيحدث بعد ذلك. هناك ثلاثة سيناريوهات رئيسية محتملة من الممكن استقراؤها الآن، على الرغم من أن تطورات أخرى قد تظهر بمرور الوقت.
السيناريو الأول: صراع محدود داخل غزة
من خلال الانخراط في تجاوزات إرهابية هائلة، كانت حركة حماس تهدف إلى إثارة غضب إسرائيل واستفزازها، ودفعها إلى ردود فعل عاطفية مبالغ فيها. من الناحية التاريخية، هذا هو الهدف الاستراتيجي وراء مثل هذه المبالغة المذهلة في القتل من قبل الميلشيات المنظمة التي تسعى إلى إثارة أعصاب القوة المهيمنة وزعزعة استقرارها ودفعها للقيام بأعمال غير عقلانية ترقى إلى مستوى إيذاء الذات بدرجة أسوأ بكثير مما يمكن أن يتسبب به هذا العصيان. أحد الأمثلة المألوفة والمؤلمة للأميركيين هو هجمات تنظيم القاعدة في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، والتي بلغت ذروتها بسوء التقدير المهول الذي تمثل في غزو العراق في عام 2003. لم يكن بمقدور تنظيم القاعدة أن يتأكد من طبيعة رد الفعل الأميركي المبالغ فيه، لكن أسامة بن لادن وجماعاته كانوا على ثقة من أن الولايات المتحدة سوف تنفجر غضبًا، وتلحق أضرارًا بالغة بمصالحها الخاصة.
لا شك أن حركة حماس كانت تسعى لاستدراج إسرائيل إلى فخ من خلال إرغام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقوات الدفاع الإسرائيلية على شن هجوم بري داخل المدينة والبلدات ومخيمات اللاجئين في غزة. لم تكن الحركة، مع القوى الداعمة لها من الخارج، لتخطط للهجوم على جنوب إسرائيل بهذه الدقة دون أن تكون مستعدة بشكل جدي للتصدي للهجوم الإسرائيلي المضاد على أرض غزة. مما لا شك فيه أن القوات الإسرائيلية ستواجه دفاعات قوية، على الرغم من أنه ليس من الواضح حتى الآن مدى فاعلية كلًا من الجانبين.
كما أن حركة حماس تعول على السلوك الإسرائيلي الذي لن يراعي معاناة المدنيين ووفياتهم. وهو ما قامت به إسرائيل بالفعل، فهاجمت العديد من الأهداف المدنية، وقتلت ما يزيد على 2700 فلسطيني، معظمهم من المدنيين. كما أمرت إسرائيل أكثر من مليون مدني فلسطيني بإخلاء شمال غزة، على الرغم من أن هذه الجموع من الأشخاص المعدمين ليس لديهم مكان ليذهبوا إليه. ويبدو أن المسرح مهيأ لرد انتقامي إسرائيلي واسع النطاق ينطوي على تدمير هائل للبنية التحتية التي تمكن أهل غزة من الحياة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى وفاة عشرات الآلاف من المدنيين. وإذا كانت إسرائيل جادة في منع العودة لحكم حركة حماس في غزة، فيجب عليها أيضًا أن تتأمل مليًا في فكرة احتلال المنطقة لفترة طويلة، لأنه من الواضح أنه ليس ثمة بديل آخر. ومما لا شك فيه أن هذا الاحتلال سيقابل بتمرد منظم سيكتسب قوة وتغولاً مع مرور الوقت. كما أنه ليس من الواضح متى ستسمح إسرائيل لسكان شمال غزة، الذين أمرتهم بالإخلاء نحو الجنوب، بالعودة إلى منازلهم.
لا يزال هذا السيناريو “المحدود”، الذي يتم فيه احتواء القتال داخل غزة، وربما في أجزاء من جنوب إسرائيل، يشكل تحديات جدية للمخطط الاستراتيجي السعودي. سيولي قادة السعودية اهتمامًا كبيرًا لمسألة السمعة السياسية محليًا وإقليميًا، وبالتالي فإن صنع القرار سوف يعتمد على التصورات السعودية والعربية الأخرى بشأن إسرائيل وحركة حماس والفلسطينيين الآخرين كذلك. إذا تم احتواء القتال، وتصرفت إسرائيل بضبط النفس إلى حد ما، وتجنبت الاحتلال المباشر المطول لغزة، وسمحت في نهاية المطاف للفلسطينيين الذين تم إخلاؤهم من غزة بالعودة إلى ديارهم في الشمال، فمن المحتمل أن يستأنف التقدم بشأن الاتفاق الثلاثي الذي كانت واشنطن تسعى إليه.
ويعتمد ذلك على عوامل كثيرة، ولكن يمكن للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية أن تلعبا دورًا مهمًا في تسهيل استئناف هذه العملية بهدوء، على الرغم من أنه قد يتعين تأخيرها إلى فترة ولاية ثانية لإدارة الرئيس جوزيف بايدن، على افتراض إعادة انتخابه. وخلافًا للرأي العام السائد، فإن السعودية لا تتفاوض مع إسرائيل بشأن فلسطين أو الفلسطينيين، مع أن السعودية لا تزال تدعم إقامة دولة فلسطينية وحقوق الإنسان.
وبدلاً من ذلك، فإن السعودية تتفاوض مع واشنطن حول القضايا الثنائية، وخاصة اتفاقية جديدة للدفاع. وتتفاوض واشنطن مع إسرائيل حول ما يسمى “مكون فلسطيني هام“، والذي ينبغي أن يُرضي السعودية، وأن يمثل الحد الأدنى مما تقبله السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية. لكن أحد الأهداف السياسية الداخلية لهجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل هو منع أي مكاسب سياسية ومالية غير متوقعة، مهما كانت غير كافية من المنظور الوطني، لخصوم حماس اللدودين في السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، اللتين تهيمن عليهما حركة فتح، وذلك بجعل الاتفاق الثلاثي أمرًا مستحيلاً.
يكاد يكون من المؤكد أن ضبط النفس الإسرائيلي والانسحاب السريع نسبيًا من غزة، حتى ولو كان هذا يعني تجرع مرارة خروج حركة حماس من تحت الأنقاض لتعلن انتصارها، يصب في مصلحة السعودية والولايات المتحدة. ويصب ذلك أيضًا في مصلحة إسرائيل، لأن البديل هو احتلال دموي مباشر وطويل الأمد لشوارع غزة، وهو بالضبط ما تسعى إليه حركة حماس. ومن المفارقات أن موجة القتل التي قامت بها الحركة في جنوب إسرائيل قد ترفع من قيمة المكون الفلسطيني لدى إسرائيل، لأن تقوية حركة فتح ستكون ردًا واضحًا من قبل السعودية والولايات المتحدة، وحتى من إسرائيل على الهجوم.
علاوة على ذلك، قد يشعر صناع السياسة في السعودية أن حركة حماس وداعميها الإيرانيين كانوا يحاولون تثبيت نوع من حق النقض على عملية صنع القرار وسياسة الأمن القومي الخاصة بهم [السعودية]، ولا سيما الاتفاق الثلاثي المحتمل الذي تسعى إدارة بايدن لتحقيقه. وقد تكون هناك رغبة حقيقية لدى الرياض، خاصة إذا كان من الممكن الحد من الصراع، في رفض مثل هذا النقض، وبدلاً من ذلك، التصرف بشكل مستقل عن هذه الضغوط. وقد يحد ذلك من المكاسب الفلسطينية من خلال أي مكون فلسطيني هام في الاتفاق، بالرغم من بقاء الحوافز لدى الرياض وواشنطن للضغط من أجل تحقيق مكاسب كبيرة لخصوم حركة حماس الفلسطينيين في الضفة الغربية. أشار المحلل السعودي محمد اليحيى في حوار معه إلى أن المكون الفلسطيني الهام هو “جزء لا يتجزأ من مكون الأمن القومي السعودي في أي اتفاقية مع إسرائيل والولايات المتحدة”.
السيناريو الثاني: امتداد الصراع للضفة الغربية والقدس الشرقية
أحد الأهداف الأساسية المباشرة لهجوم حماس هو انتشار العنف إلى الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة والأماكن المقدسة هناك. ويعد المسجد الأقصى، على وجه الخصوص، بمثابة أيقونة دينية تنجذب إليها قلوب المسلمين في جميع أنحاء العالم بطريقة لا يستطيع أي شيء في غزة أن يفعلها. منذ البداية، أطلقت حركة حماس على الهجوم اسم “طوفان الأقصى”، لتسويق العنف ضد جنوب إسرائيل باعتباره مرتبطًا على نحو ما بحماية المسجد الأقصى والحرم الشريف، أو جبل الهيكل. ودعت الحركة إلى “يوم غضب” يوم الجمعة الذي تلى الهجوم، وحثت الفلسطينيين والمسلمين الآخرين على التعبير عن غضبهم إزاء الاستفزازات الإسرائيلية في الأماكن الإسلامية المقدسة. في الواقع، مر اليوم بهدوء نسبيًا، لكن أيام الجمعة القادمة شيء آخر.
لا شيء يربك ويعقد الأمور بالنسبة لدول الخليج العربية التي تسعى للتعامل مع إسرائيل أكثر من العنف العاطفي ذو الصبغة الدينية في المسجد الأقصى وحوله، أو في أي مكان في القدس. تجلت الهواجس السعودية بشأن هذه القضايا العاطفية إلى حد كبير في خطبة الجمعة الأخيرة، في “يوم الغضب”، في الحرم المكي، حين توسل الخطيب عاطفيًا إلى الله أن “يحرر المسجد الأقصى” و”يدعم إخواننا في فلسطين”.
وكل ذلك لا يعني أن ما حدث بالفعل أو سوف يحدث في غزة قد حال دون قدرة السعودية على إبرام اتفاق ثلاثي مع الولايات المتحدة وإسرائيل. ولكن إذا دار قتال شديد داخل الأماكن المقدسة وحولها في القدس، وخاصة المسجد الأقصى، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تضييق هامش المناورة السعودية، ويضع المفاوضات في حالة جمود شديد سيكون من الصعب التغلب عليها.
السيناريو الثالث: امتداد الصراع إلى حزب الله ولبنان
أما السيناريو الأخطر فهو احتمال دخول حزب الله في الصراع. ويبدو أن هذا ليس مرجحًا أو وشيكًا في الوقت الراهن. ونظرًا للظروف الاجتماعية-الاقتصادية والسياسية المحفوفة بالمخاطر في لبنان، فإن ما سيخسره حزب الله في الوقت الراهن من الحرب مع إسرائيل أكثر بكثير مما سيكسبه. وربما ترغب إيران في الاحتفاظ بحزب الله كقوة ردع مقتدرة ضد الضربات الإسرائيلية التي تستهدف منشآتها النووية أو أهدافًا أخرى داخل إيران. ويبدو أنه من غير المنطقي بالنسبة لطهران أن تخاطر بإهدار قوة الردع القوية هذه على ما يعد في نهاية المطاف مسرحًا واعتبارات استراتيجية هامشية مثل غزة.
ومع ذلك، هناك العديد من السيناريوهات التي قد يشعر حزب الله من خلالها بأنه مضطر للتحرك، أو قد تضغط إيران على وكيلها في لبنان لاستخدام ترسانته العسكرية والصاروخية القديرة. فإذا امتدت الاضطرابات إلى القدس الشرقية المحتلة، وشملت المسجد الأقصى، على سبيل المثال، فقد يشعر حزب الله أن التحرك باسم القدس الشريف سيقدم مكاسب فورية أكثر من الخسائر. وربما تتوصل إيران إلى النتيجة نفسها، وقد تستخدم نفوذها على حزب الله لإجباره على التحرك على الرغم من شكوكها المحتملة. والبديل عن ذلك هو احتمال أن تعمل مجموعات أصغر من لبنان ضد إسرائيل، ما يستدعي ردًا انتقاميًا إسرائيليًا داخل لبنان، الأمر الذي قد يفرض على حزب أن يتحرك. هناك عدد من السيناريوهات الأخرى، ولا يوجد من بينها أي احتمال مستبعد بشكل خاص، وكلها من شأنها أن تجر حزب الله للدخول في الصراع الحالي.
إن هذا الوضع يحمل إمكانية الانفجار. لقد تطور حزب الله وأصبح قوة قتالية مقتدرة غير حكومية أكبر من قدرة حركة حماس بدرجة كبيرة. لقد تعززت قدرات حزب الله القتالية نتيجة عقود من التمرد ضد الاحتلال الإسرائيلي، وانخراطه المكثف مؤخرًا في الحرب الوحشية في سوريا، حيث كان الحزب إحدى القوى الرئيسية التي جاءت لإنقاذ نظام الرئيس السوري بشار الأسد. يمتلك الحزب ترسانة ضخمة من الصواريخ والقذائف قادرة على ضرب أي مكان داخل إسرائيل مع إمكانية التسبب بآثار مدمرة. إن قادة الجيش الإسرائيلي واستخباراته لا يقللون من قوة حزب الله كما فعلوا مع حركة حماس. لدى حزب الله وإيران وإسرائيل العديد من الأسباب لتجنب إضافة الجماعة اللبنانية المسلحة إلى المعترك. ومع ذلك، ليس من الصعب أن نرى كيف من الممكن لهذه الحسابات أن تتغير، ومن الممكن لحزب الله أن يفتح جبهة ثانية في شمال إسرائيل.
ومن المحتمل أيضًا أن تواجه إسرائيل جبهة أخرى في سوريا المتاخمة لمرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل برضى أمريكي واضح خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، بالإضافة إلى الجبهات الأخرى في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، وحتى من الميليشيات العراقية الموالية لإيران. ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، وتبعتها صحيفة نيويورك تايمز، أن قادة عسكريين إيرانيين ومسؤولين قي حزب الله قد التقوا مع قادة حماس في بيروت عدة مرات خلال العام الماضي للتخطيط للهجوم على جنوب إسرائيل ومباركته، وترددت تقارير سابقة عن هذا التعاون في وسائل الإعلام اللبنانية الناطقة باللغة العربية. ولكن صرح كبار القادة العسكريين والمسؤولين المدنيين الأمريكيين والإسرائيليين بأنه ليس لديهم معلومات استخباراتية تثبت هذه العلاقة، على الرغم من أن معظمهم يعتقدون أن سنوات من الدعم الإيراني لحماس تجعل طهران متواطئة بشكل عام.
إذا وجدت إسرائيل نفسها في حرب طويلة الأمد متعددة الجبهات مع الجماعات دون الدولة الموالية لإيران على كل الجبهات، أو حتى ببساطة في الشمال والجنوب، فإن حسابات إسرائيل قد تتغير بشكل كبير. قد تقرر إسرائيل أنه من الحماقة محاربة وكلاء إيران في العالم العربي وهي على قناعة بأن الحكومة التي صنعت هذا المأزق تقيم بأمان في طهران. باختصار، إذا وصلت سلسلة الأحداث المتتالية التي كانت حركة حماس تأمل بإثارتها من خلال هجومها على إسرائيل إلى نهايتها المنطقية، فقد ينتهي الأمر بقيام إسرائيل بضرب إيران، ربما منشآتها النووية أو أهدافها الحساسة الأخرى.
في تلك المرحلة، يمكن أن نتوقع من إيران أن تنتقم ليس فقط من خلال وكلائها المشاركين بالفعل، وإنما سترد هي بشكل مباشر، وقد لا تكتفي بالأهداف الإسرائيلية، بل ستضرب أهدافًا أمريكية أو حتى أهدافًا لدول الخليج العربية. وإذا تعذر احتواء الصراع في غزة، وخرج عن سيطرة جميع الأطراف، فإنه يحمل في طياته بذور حرب إقليمية لا مثيل لها. من الضروري أن تمنع السعودية، بل والولايات المتحدة، حدوث أي شيء من هذا القبيل، ولكن قد لا يكون هناك الكثير مما يمكن أن تفعله الرياض وواشنطن إذا خضعت الأطراف المتحاربة لعملية تصعيد مستمر مع القليل من ضبط النفس أو دونه.
ويعد هذا السيناريو دراميًا لدرجة أنه ستكون له آثار غير متوقعة أبدًا على الحسابات السعودية فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل. وقد يزيد من المخاطر إلى الحد الذي يجعل فكرة هذا التعاون المفتوح ذاتها غير مقبولة. أو على العكس من ذلك، قد يزيد من خطورة الظروف الإقليمية لدرجة تجعل السعودية تستنتج أنها بحاجة إلى علاقات أوثق ليس فقط مع واشنطن، وإنما مع إسرائيل أيضًا. وفي تلك المرحلة، يمكن أن تسير المفاوضات بسرعة كبيرة، وإن كان ذلك في مشهد إقليمي شديد التقلب، ولا يمكن التنبؤ به.
من وجهة النظر السعودية، ومع استمرار الوضع كما هو عليه الآن، لا يزال التوصل إلى اتفاق ثلاثي مع واشنطن وإسرائيل أمرًا ممكنًا. واستنادًا إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، سوف يصادق مجلس الشيوخ على اتفاقية دفاع جديدة مع واشنطن، وبالتالي تتم حمايتها من تحولات السياسة الخارجية الناجمة عن التغييرات الانتخابية في البيت الأبيض. ومن ناحية أخرى، فإن الظروف المتقلبة قد تتسبب في تطورات درامية من شأنها أن تجعل التقدم في مثل هذا الاتفاق غير مقبول سياسيًا، ومكلفًا للغاية من الناحية الدبلوماسية، ويفتقر للحكمة من الناحية الاستراتيجية.
سوف تراقب كلًا من الرياض وواشنطن بفارغ الصبر لمعرفة ما ستختار إسرائيل القيام به بعد استفزازات حركة حماس المتطرفة في جنوب إسرائيل، وردود أفعال مختلف القوى المجاورة، وخاصة شبكة الجهات الفاعلة دون الدولة القوية التابعة لإيران. إن مصير الاتفاق الثلاثي المحتمل هو على المحك، وهو مهدد لدرجة كبيرة بفعل صراع إقليمي واسع النطاق.
إن الآراء الواردة هنا هي آراء خاصة بالكاتب أو المتحدث ولا تعكس بالضرورة آراء معهد دول الخليج العربية في واشنطن أو موظفيه أو مجلس إدارته.