رئاسة ترامب الثانية وتداعيات سوق النفط على دول الخليج
مع سعي ترامب لتحقيق زيادة هائلة في إنتاج النفط والغاز الأمريكي، وعرقلة صادرات النفط الإيرانية، فإنه لن يتردد في التدخل بقوة في سوق النفط.
ثمة اختلافات كبيرة بين أجندات المرشحين المتنافسين فيما يتعلق بسياسة الطاقة، وسيكون لكل منها تداعياتها على مصدري النفط في الخليج وأجندة المناخ العالمية والعلاقات التجارية الدولية.
ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرعلن تقتصر نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية على تحديد سياسات الطاقة التي ستنتهجها الولايات المتحدة، وإنما ستحدد كذلك ثروات الدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط. ولقد حدد كل من المرشحين المتنافسين أجندته الخاصة بسياسة الطاقة، وهناك اختلافات جوهرية بين السياستين، الأمر الذي سيكون له انعكاساته على مصدري النفط في الخليج وأجندة المناخ العالمية والعلاقات التجارية الدولية.
قبل أقل من شهر على توجه الشعب الأمريكي لصناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد، تشهد سوق النفط العالمية حالة من الاضطراب ناجمة عن التطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. إن خطر حدوث مفاجأة صادمة في أسعار النفط إذا استهدفت إسرائيل البنية التحتية للطاقة في إيران رداً على الهجوم الصاروخي الإيراني في الأول من أكتوبر/تشرين الأول من شأنه أن يتسبب في مضاعفات تتجاوز حدود المنطقة. فقد ارتفعت أسعار النفط بشكل فوري لتسجل أعلى زيادة أسبوعية منذ أكثر من عام بعد هجوم الأول من أكتوبر/تشرين الأول، كاستعدادٍ من جانب السوق تحسباً للرد الإسرائيلي. ومن شأن أي ارتفاع آخر على أسعار النفط أن يؤثر على الناخبين الأمريكيين في نوفمبر/تشرين الثاني مع تعرض الحزب الديمقراطي الحاكم حالياً لخطر العقاب من خلال صناديق الاقتراع إذا طرأ ارتفاع مفاجئ على أسعار البنزين في الولايات المتحدة.
كما أن ارتفاع أسعار النفط بالتزامن مع انحسار ضغوط التضخم سيؤثر كذلك على الاقتصاد العالمي، ويثير المخاوف بشأن أمن الطاقة في البلدان التي تعتمد على الواردات، والتي تأثرت بالغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022. فقد كانت العقوبات الدولية آنذاك تعيق صادرات النفط الروسية، وردت موسكو بتقليص تدفق الغاز إلى السوق الأوروبية. وتسبب ذلك في ارتفاع أسعار الغاز لمستويات قياسية، واقتربت أسعار النفط من أعلى مستوياتها على الإطلاق.
إذا كان هنالك شيء واحد يتفق عليه الحزبان الجمهوري والديمقراطي فيما يتعلق بسياسة الطاقة، فإنه يتمثل في قضية استقلالية الطاقة في الولايات المتحدة. لكن لكل حزب نهجاً مغايراً حول كيفية تحقيق ذلك الهدف.
لم يغير الرئيس السابق ومرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، موقفه من سياسة الطاقة منذ فترة ولايته الأولى في الإدارة الأمريكية. كرر ترامب في خطابات وبيانات حملته الانتخابية وعده بفتح المزيد من المساحات للتنقيب عن النفط والغاز، والموافقة على مشاريع خطوط أنابيب النفط المتوقفة، وبناء مصافي نفط ومفاعلات نووية جديدة، وإزالة الروتين الحكومي الذي يقول ترامب إنه يعرقل صناعات النفط والغاز والفحم.
يعكس برنامج الحزب الجمهوري أفكار ترامب، “سيعمل الجمهوريون على زيادة إنتاج الطاقة على جميع الأصعدة، وتسهيل التصاريح، وإنهاء القيود التي تؤثر بالسلب على سوق النفط والغاز الطبيعي والفحم. وسيعمل الحزب الجمهوري مرة أخرى على تحقيق استقلالية الطاقة الأمريكية، ثم الهيمنة في مجال انتاج الطاقة، وتخفيض أسعارها حتى إلى ما دون أدنى مستوياتها القياسية التي تم تحقيقها خلال فترة ولاية الرئيس ترامب الأولى”.
وتدعو أجندة ترامب، التي روّج فيها لسياساته في مجال الطاقة لصالح الولايات المتحدة، إلى انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، والتي يصفها بـ “المروعة” حيث أعاد الرئيس جوزيف بايدن العمل بها. كما انتقد الخطة الخضراء الجديدة (Green New Deal) للديمقراطيين، التي تهدف لمعالجة التغير المناخي، باعتبارها مفيدة للصين.
ربما تتسبب هذه السياسات في إبطاء وتيرة تحول مصادر الطاقة الأمريكية إلى مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لكن لن تعكس مسيرها إلى النقيض. وقد استفادت بعض الولايات من حوافز الطاقة النظيفة والإعانات التي قدمتها إدارة بايدن بمبلغ 2 تريليون دولار من خلال قانون الحد من التضخم. ومن بين دول الخليج العربية، استثمرت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان بكثافة في الاقتصاد الأخضر، وسوف تسعى هذه الدول لمواصلة برامجها للتحول في مجال الطاقة مهما يكن.
على الرغم من أن إدارة بايدن قد اعتمدت سياسة طاقة أكثر مواءمة للمناخ، ووعدت بالحد من التنقيب عن النفط والغاز، إلا أن إنتاج النفط الأمريكي قد ازداد، وارتفع إلى مستوى قياسي منذ نهاية رئاسة ترامب في عام 2021. تنتج الولايات المتحدة اليوم أكثر من 13 مليون برميل يومياً، وتجاوزت السعودية وروسيا كأكبر منتج للنفط في العالم. وتعد كذلك أكبر مُصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، متقدمة على أستراليا وقطر.
لم تتضح جيداً معالم موقف مرشحة الحزب الديمقراطي الرئاسية كامالا هاريس، ولم يتم تعديل برنامج الحزب الديمقراطي منذ انسحاب بايدن من السباق لصالح هاريس في شهر يوليو/تموز. ذكرت هاريس خلال المناظرة الرئاسية في 10 سبتمبر/أيلول، وفي بعض التصريحات العامة لاحقاً، أنها لن تفرض حظراً على التكسير أو التنقيب الهيدروليكي المعمول به في استخراج النفط والغاز من الصخور الزيتية. ويعد هذا تراجعاً عن موقفها خلال حملتها الرئاسية القصيرة السابقة. لكنها لم تعط أي إشارة إلى أن رئاسة هاريس ستخفف من السياسات البيئية لإدارة بايدن وقانون الحد من التضخم، الذي يحفز الاستثمار في الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة.
وقالت هاريس في المناظرة إن “موقفي يتمثل في كوننا مضطرين للاستثمار في مصادر الطاقة المتنوعة، لكي نتمكن من التقليل من اعتمادنا على النفط الأجنبي. فقد حققنا أكبر زيادة في إنتاج النفط المحلي في التاريخ بفضل نهج يدرك بأننا لا نستطيع الاعتماد المفرط على النفط الأجنبي”.
ورد ترامب بأنه إذا فازت هاريس في الانتخابات، فإن الديمقراطيين “سيعودون لتدمير بلادنا، وسوف ينتهي النفط والوقود الأحفوري، وسوف نعود لاستخدام طواحين الهواء والطاقة الشمسية، حيث سنحتاج إلى صحراء كاملة لاستخراج القليل من الطاقة”.
وقد روج الديمقراطيون، في برنامجهم السياسي الأكثر تفصيلاً، للإنجازات التي تحققت في مجال الطاقة في عهد بايدن، والتي أدخلت أكثر من 400 مليار دولار من استثمارات القطاع الخاص في مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وتخزين البطاريات في 47 ولاية، ووفرت 300 ألف وظيفة جديدة في الوقت الذي خفضت فيه تكاليف الطاقة لملايين الأمريكيين. “وضعنا [هذه الإنجازات] على المسار الصحيح لتوليد ثلاثة أضعاف حجم الطاقة النظيفة بحلول عام 2030، ما من شأنه أن يحد من سيطرة شركات النفط الكبرى على اقتصادنا، ويحمي الأسر من التقلبات الحادة في الأسعار، ويقرب أمريكا من استقلالية الطاقة أكثر مما كنا عليه منذ أكثر من 70 عامًا”.
لكن سياسة ترامب المؤيدة للوقود الأحفوري، وحديث كلا المرشحين عن استقلالية الطاقة، لا يأخذ بالحسبان التغيرات في ميزان القوى في عالم الطاقة، حيث ينتج تحالف أوبك بلس حوالي 41% من إمدادات النفط، في حين تعد الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط، كما لا يأخذ بالحسبان حقائق التحول في مجال الطاقة. كما يتجاهلان حقيقة أن دول الخليج العربية، بما في ذلك السعودية والإمارات وقطر يستثمرون الآن بكثافة في قطاع الطاقة الأمريكي، مثل مشاريع تكرير النفط والغاز الطبيعي المسال والطاقة منخفضة الكربون.
في قمة المناخ للأمم المتحدة كوب 28 (COP28) في دبي في أواخر عام 2023، كانت الولايات المتحدة من بين 200 دولة تعهدت بالإسهام في الجهود العالمية “للتحول بعيداً عن الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة”. كما دعت الدول المشاركة لمضاعفة قدرات العالم في مجال الطاقة المتجددة إلى ثلاثة أمثالها، ومضاعفة كفاءة الطاقة بحلول عام 2030، وهو الأمر الذي يؤكد البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي أن الولايات المتحدة على طريق تحقيقه.
يزيد الإنتاج الأمريكي من النفط اليوم بنحو مليون برميل يومياً عن الذروة السابقة، التي بلغت 9.6 مليون برميل يومياً في سبعينيات القرن العشرين، قبل أن يبدأ الإنتاج في التراجع، ويجعل الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على النفط الأجنبي، ومن ضمنه كميات هائلة من النفط القادم من الشرق الأوسط. وارتفع صافي الواردات الأمريكية من مليوني برميل يومياً في عام 1970 إلى نحو عشرة ملايين برميل يومياً في عام 2000، في وقت كانت فيه السعودية واحدة من أكبر ثلاث دول تورد النفط للسوق الأمريكية، وفقًا للبيانات التاريخية لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية. وكان الحظر النفطي العربي عام 1973 بمثابة جرس إنذار كشف عن مدى ضعف الولايات المتحدة، وقد استغرق الأمر سنوات للتحول إلى صناعة النفط والغاز الأمريكية المتعثرة.
بحلول نهاية سبعينيات القرن الماضي، كانت السعودية تصدر ما يزيد 1.4 مليون برميل يومياً من النفط الخام إلى السوق الأمريكية، وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة. وبحلول بداية عقد التسعينيات، ارتفعت صادرات السعودية من النفط للولايات المتحدة إلى ما يزيد على 1.8 مليون برميل يومياً، ولكن الكمية أخذت بالتناقص بشكل كبير منذ ذلك الحين. في يوليو/تموز، صدرت السعودية 280 ألف برميل يومياً للولايات المتحدة، في حين صدرت العراق، الدولة العضو أيضاً في منظمة أوبك، 202 ألف برميل يوميًا وفقًا لبيانات إدارة معلومات الطاقة. ولا تزال كندا حتى اليوم هي المورد الأكبر للنفط الخام للسوق الأمريكية.
تعد الصين اليوم أكبر مستورد للنفط الخام، ومعظمه من الشرق الأوسط، على الرغم من أن إيران وروسيا والولايات المتحدة أيضاً تورد النفط للسوق الصينية. يعد ازدياد الطلب على النفط من قبل الصين من بين العوامل الأساسية التي تؤثر على الأسعار والتوازن ما بين العرض والطلب، حيث انخفض الاعتماد على الواردات الأمريكية منذ بداية هذا العقد.
في عام 2023، بلغ إجمالي الواردات الأمريكية من النفط الواردة من اثني عشر دولة في منظمة أوبك، التي تهيمن عليها الدول العربية المنتجة للنفط، 1.34 مليون برميل يومياً، وهو نصف مستوى الواردات في عام 2018. ويُعزى الانخفاض في الواردات إلى أن إنتاج الولايات المتحدة من النفط قد تصاعد لأكثر من الضعف منذ عام 2008، مدفوعاً إلى حد كبير بنمو قطاع النفط الصخري.
لقد سمح هذا النمو في إنتاج للولايات المتحدة بزيادة صادراتها النفطية، التي سجلت رقماً قياسياً في عام 2023، حيث وصلت إلى 4.1 مليون برميل يومياً في الوقت الذي كان فيه تحالف أوبك بلس، بقيادة السعودية وروسيا، يضع قيوداً على التوريد بغية رفع الأسعار المنخفضة. وهذا يعني واقعياً تنازل منتجي تحالف أوبك بلس عن حصتهم السوقية لصالح الولايات المتحدة وغيرها من الدول المصدرة غير الأعضاء في التحالف. يمثل إنتاج الدول الأعضاء في تحالف أوبك بلس الاثنتين والعشرين ما نسبته 40% تقريبًا من إمدادات النفط العالمية. على مستوى الإنتاج الحالي، تمثل الولايات المتحدة وحدها 20% من الإمدادات العالمية، حيث بلغت حاليًا حوالي 120 مليون برميل يومياً.
في 26 سبتمبر/أيلول، ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز بأن السعودية مستعدة للتنازل عن هدفها “غير الرسمي” المتمثل في مئة دولار لبرميل النفط الخام لاسترجاع حصتها السوقية. ولم يتضح ما إذا كان ذلك يشير لنيتها في الدخول في حرب أسعار لإلحاق الضرر بالمنتجين الآخرين، أو بأعضاء تحالف أوبك بلس غير الممتثلين للسعر أو بمنتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة. لا السعودية ولا منظمة أوبك لديهما هدف رسمي لأسعار النفط، على الرغم من أنه إذا تعلق الأمر بحرب أسعار، فإن المنتجين الخليجيين الأقل تكلفة سيتغلبون على منتجي النفط الصخري والنفط البحري عالي التكلفة في الولايات المتحدة. لكن هذا الفارق قد بدأ يتقلص مع انخفاض تكلفة إنتاج النفط الصخري بفضل التكنولوجيا وتقنيات الحفر الجديدة، ما زاد من صعوبة التنافس بين المنتجين. في الأسابيع التي أعقبت تقرير صحيفة الفاينانشال تايمز، قفز سعر النفط من أقل من 70 دولاراً للبرميل إلى أكثر من 81 دولاراً للبرميل بسبب المخاوف من توسع الصراع وتصاعده في الشرق الأوسط على الرغم من التوازن الكبير في سوق النفط مع توفر ما يكفي من الإمدادات لتلبية الطلب العالمي المنخفض.
يزعم ترامب أنه كان من الممكن لإنتاج الولايات المتحدة من النفط أن يكون “خمسة أضعاف، أربعة أضعاف، خمسة أضعاف أكثر” مما هو عليه لو ظل ترامب في منصبه. مع توفر ما يقارب ستة ملايين برميل يومياً من الطاقة الإنتاجية العالمية خاملة حاليًا دون استخدام، نصفها قادم من السعودية، فإنه ليس ثمة مجال لمزيد من النفط الإضافي دون التسبب في انهيار لأسعار النفط.
على الرغم من أن ترامب، بصفته رئيساً، أقام علاقات وطيدة مع السعودية، أول دولة يزورها بعد توليه منصبه، إلا أن تعهده بزيادة إنتاج النفط والغاز الأمريكي يشكل تحدياً مباشراً للرياض ولحلفاء واشنطن الآخرين في الخليج العربي.
إن سعي ترامب للهيمنة على قطاع الطاقة رغم عدم واقعيته، فإنه قد يأتي أيضاً بنتائج عكسية إذا أثر سلباً على المحصلة النهائية لأرباح شركات الطاقة الأمريكية. لقد وعد الرئيس السابق بأنه، إذا تم انتخابه، سوف يلغي حظر بايدن على عمليات الحفر الجديدة في الأراضي الفيدرالية في يومه الأول كرئيس. لكن ذلك لن يعني أن النفط الجديد سيتدفق على الفور، فالأمر سيستغرق عدة سنوات حتى تتحقق المشاريع الجديدة، ولا يوجد ما يضمن وجود طلب يستوعب المزيد من البراميل الإضافية إذا بلغ الطلب ذروته بحلول نهاية هذا العقد، كما توقعت وكالة الطاقة الدولية ومراكز الأبحاث الرائدة.
يتم تداول النفط والغاز في سوق معولم بصورة كبيرة، ولقد أصبحت شركات النفط الوطنية في دول الخليج العربية النفطية، بما في ذلك أرامكو السعودية، وشركة بترول أبوظبي الوطنية في الإمارات، وشركة قطر للطاقة في قطر، من اللاعبين الأكثر نشاطًا في مشاريع إنتاج الطاقة وتوزيعها عبر القارات، بما في ذلك في الأميركتين.
في الولايات المتحدة، حافظت أرامكو على وجودها في قطاع تكرير النفط الأمريكي على مدى عقود. ومن خلال شركتها الفرعية موتيفا إنتربرايزز (Motiva Enterprises) التي تملكها بالكامل، تمتلك أرامكو 100% من مصفاة بورت آرثر في مدينة بورت آرثر (Port Arthur) بولاية تكساس، وهي أكبر مصفاة في الولايات المتحدة، بطاقة إنتاجية تبلغ 630 ألف برميل يومياً من النفط الخام.
في العام الماضي، وجهت أرامكو اهتمامها لمشاريع الغاز الطبيعي المسال في الخارج، وخاصة في أستراليا والولايات المتحدة. في يونيو/حزيران، وقعت أرامكو اتفاقية بيع وشراء مبدئية لمدة 20 عاماً مع شركة سيمبرا (Sempra) لحصة إنتاجية تقدر بـ 5 ملايين طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال ضمن مشروع صادرات الولايات المتحدة المخطط له في المرحلة الثانية من مشروع بورت آرثر، حيث تغطي الاتفاقية حصة محتملة بنسبة 25% في مرحلة الثلاثة عشر مليون طن سنوياً. وفي الشهر نفسه، أعلنت شركة الطاقة السعودية العملاقة أنها أبرمت اتفاقية تفريغ غير ملزمة لمدة 20 عاماً مع شركة نيكست ديكيد (NextDecade) مقابل 1.2 مليون طن سنوياً، يتم توريدها عبر الرصيف 4 المقترح في ميناء ريو جراندي (Rio Grande) للغاز الطبيعي المسال في مدينة براونزفيل (Brownsville) بولاية تكساس.
كما دخلت السعودية، من خلال صندوق الاستثمارات العامة وشركة أرامكو، في شراكات مع شركات أمريكية للبحث في تقنيات احتجاز الكربون والبتروكيماويات وتطويرها، مستفيدة بذلك من مليارات الدولارات التي يوفرها قانون الحد من التضخم للاستثمارات في مشاريع الطاقة منخفضة الكربون.
تحتفظ شركة قطر للطاقة بنسبة 70% في محطة تصدير الغاز الطبيعي المسال في ميناء جولدن باس (the Port Golden Pass) بالشراكة مع إكسون موبيل (ExxonMobil) بنسبة 30%. ومن المقرر أن يبدأ تشغيل المنشأة في عام 2025 بطاقة معالجة قدرها 18 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال، ما يجعلها واحدة من أكبر محطات الغاز الطبيعي المسال في العالم. وسوف تتمتع المحطة بإمكانية الوصول لكميات وفيرة ومنخفضة التكلفة من الغاز الأمريكي، ما يسمح لها بتنويع مصادر إمدادها ونطاقها الجغرافي.
وصلت الأمارات للسوق الأمريكية متأخرة، ولكنها أنشأت مشروعاً مشتركاً مع الولايات المتحدة بموجب الشراكة لتسريع الطاقة النظيفة، وهي مبادرة بقيمة 100 مليار دولار تهدف لتوزيع 100 جيجاواط من الطاقة النظيفة على مستوى العالم بحلول عام 2035، مع التركيز على الطاقة الشمسية والطاقة النووية، بالإضافة إلى تقنيات احتجاز الكربون.
ذكرت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، في مايو/أيار، أنها حصلت على حصة بنسبة 11.7% في المرحلة الأولى من ريو جراندي للغاز الطبيعي المسال، وهو مشروع تديره شركة نيكست ديكيد في تكساس، وتبلغ قدرته المقررة 17.6 مليون طن في العام. وقد استحوذت أدنوك على حصتها من خلال حيازتها للأسهم الحالية في صندوق البنية التحتية العالمية، ويمكن للشركة أن تأخذ حصة من أسهم الأرصفة 4 و5 المقترحة في ريو جراندي للغاز الطبيعي المسال، في حال صدور قرار استثماري نهائي لتوسيع المشروع. كما أعلنت أدنوك عن اتفاقية تفريغ مبدئية لمدة 20 عاماً مقابل 1.9 مليون طن سنوياً من الرصيف 4 المقترح في ريو غراندي للغاز الطبيعي المسال. ووصف الشركاء الصفقة بأنها “أول استثمار استراتيجي لشركة أدنوك في الولايات المتحدة”.
في سبتمبر/أيلول، أعلنت شركة أدنوك أنها ستستحوذ على حصة بنسبة 35% في منشأة إنتاج الهيدروجين والأمونيا منخفضة الكربون التي تعتزم شركة إكسون موبيل إنشاءها في مدينة باي تاون (Baytown) بولاية تكساس. ومن المتوقع أن تعمل المنشأة على تحويل الغاز الطبيعي الذي تنتجه الولايات المتحدة إلى هيدروجين خالٍ من الكربون، بعد إزالة حوالي 98% من ثاني أكسيد الكربون.
لقد تطورت العلاقة بين مصدري النفط في الخليج العربي والولايات المتحدة وأصبحت أكثر ترابطاً. ففي حين تعتبر دول الخليج عموماً نفسها حليفة سياسية وعسكرية مخلصة لواشنطن، إلا أنها أصبحت أكثر حزماً في سياساتها الخارجية – وهي السياسات التي تعززت بسبب كميات الأموال النقدية التي تكدست خلال فترات ارتفاع أسعار النفط والغاز في بداية العقد.
على مدار السنوات القليلة المقبلة، ومع تسارع التحول العالمي في مجال الطاقة، ستصبح العلاقة بين السياسات الأمريكية في مجال الطاقة وبين الدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط حاسمة. وسواء كان ذلك من خلال الشراكات في المشاريع منخفضة الكربون أو من خلال المنافسة في أسواق النفط والغاز، فإن نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في كلتا الحالتين، ستلعب دوراً محوريًا في تشكيل سياسات الطاقة المحلية والدولية على حد سواء.
هي باحثة غير مقيمة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، ومحررة مشاركة في مجلة المسح الاقتصادي للشرق الأوسط، وباحثة في معهد الطاقة (Energy Institute).
مع سعي ترامب لتحقيق زيادة هائلة في إنتاج النفط والغاز الأمريكي، وعرقلة صادرات النفط الإيرانية، فإنه لن يتردد في التدخل بقوة في سوق النفط.
بدأت قوة مدعومة من تركيا في سوريا هجوماً على مدينة كوباني، ذات الأغلبية الكردية، وحذر القادة الأكراد من أن ذلك قد يؤدي إلى تطهير عرقي، ويقوض المعركة ضد تنظيم داعش في شمال شرق سوريا.
ستشكل استضافة كأس العالم فرصة عظيمة للسعودية في دعم الإصلاحات المرتبطة برؤية2030 . وفي حين أن الاستعدادات للبطولة ستكون مكلفة، إلا أنها ستعزز النمو الاقتصادي، ومن شأنها أن تدفع نحو المزيد من التغيير الاجتماعي.
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.
تعرف على المزيد