يصادف هذا العام الذكرى العشرين لمهرجان ليوا للرطب، الفعالية الاجتماعية الصيفية لسكان واحة أبوظبي، الواقعة على الطرف الشمالي للربع الخالي في الإمارات العربية المتحدة. في أيام الصيف البطيئة، ومع درجات حرارة بمتوسط 122 درجة فهرنهايت (50 درجة مئوية)، يصبح هذا هو المكان المناسب للعائلات والأصدقاء. مع غروب الشمس، تبدأ السيارات سريعًا بملء أماكن انتظار السيارات خارج الخيمة البيضاء العملاقة التي أقيمت خصيصًا للمهرجان.
في المساء، يتجول الأهالي والأصدقاء داخل الخيمة في أكشاك مؤقتة تبيع الثياب محلية الصنع والعطور والتوابل والسمن (الزبدة المصفاة المستخدمة في الطبخ المحلي) والبخور والحلويات المصنوعة محليًا من التمر. تسلط صور الأرشيف الضوء على مؤسس دولة الإمارات زايد بن سلطان آل نهيان يتجول وسط أشجار النخيل. كان معروفًا بحبه للأشجار، وتعد واحة ليوا موطن أسلافه من قبائل بني ياس، والتي تشمل عائلة آل نهيان.
“إنه حقًا مهرجان لنخل الرطب”، يقول خلفان عبد الله المحيربي، الناطق باسم هيئة أبوظبي للتراث المسئولة عن تنظيم المهرجان. “تمنحنا هذه الشجرة كل شيء. ونحن نستخدم كل شيء فيها”.
تعد نخلة التمر شيئًا أساسيًا من تراث الناس ووجودهم في واحة ليوا وفي منطقة الخليج بشكل عام. على مدار آلاف السنين، كانت ثمار هذه الشجرة هي المصدر الرئيسي للطعام، وكانت بذورها تطحن وتستخدم كبديل للقهوة، ولحاؤها يسهل إشعال النار، وكان يتم نسج أوراقها لبناء البيوت والقوارب والحصائر للجلوس عليها والسلال لنقل المواد، خاصة التمور في البر والبحر. قبل اكتشاف النفط، كانت التمور بمثابة العملة في التجارة المحلية، وأكثر المنتجات ربحاً بعد تجارة اللؤلؤ، حيث كانت تستخدم في المقايضة على امتداد الطرق التجارية في المحيط الهندي التي تربط الخليج بجنوب آسيا وشرق أفريقيا.
في مساء أحد أيام الجمعة، جرت هناك مسابقة في أكثر المواقع ازدحامًا في المهرجان، حيث كان الأطفال يسرعون برفع أياديهم للإجابة على أسئلة حول تراث الإمارات مقابل الحصول على جوائز مقدمة من رعاة المهرجان، مثل شركة بترول أبوظبي الوطنية. لكن النخلة بعيدة كل البعد عن كونها شيئًا من الماضي. فالهندسة الزراعية مزدهرة في المنطقة، وينعكس هذا في ارتفاع أسعار أشجار النخيل في الأكشاك التي تبيع الشتلات.
يقول المحيربي، “اعتاد الناس على شراء هذه الأشتال بثلث هذا السعر قبل عشر سنوات، لقد ازداد عدد الأشخاص الذين يزرعونها اليوم لأن الهندسة الزراعية ابتكرت أشجارًا أقوى، ولا تتطلب الكثير من العناية لتنمو بنجاح”. في الواقع، كانت واحة ليوا ذات يوم تشكل مشهدًا من أشجار النخيل الشاهقة بين الكثبان الرملية، ولكنها تضم اليوم العديد من بساتين أشجار النخيل القصيرة بما يكفي ليتيح القيام بعملية الحصاد دون المخاطرة بتسلق جذوع الأشجار الشوكية المرتفعة.
لا تُعرض التمور المجففة، المألوفة لدى معظم الناس من خارج المنطقة، للبيع في المهرجان. يسمى هذا المهرجان بالعربية “مهرجان ليوا للرطب”. تشير كلمة “الرطب” للتمور غير المجهزة تمامًا للتجفيف أو التعبئة أو التخزين. وتعد من الأطعمة اللذيذة المحببة التي يترقبها الناس في الأسابيع التي تسبق الحصاد. ويُعد الأسبوعان الأخيران من شهر يوليو/تموز، فترة انعقاد المهرجان، بمثابة وقت ذروة الطلب على الرطب، ويسمى الكثيرين هذه الفترة بـ “موسم السعادة”. تغادر العائلات المهرجان حاملة حزمًا من صناديق الرطب التي يزيد وزن كلٍ منها عن رطلين، والتي يتراوح لونها من الأصفر الفاتح إلى الكستنائي، اعتمادًا على مرحلة النضج ونوعية التمر. وتكون التمور الصفراء مقرمشة، في حين أن التمور الأقرب للحصاد يكون لونها مائلاً للكراميل. وتتراوح الأسعار من 60 إلى 250 درهمًا إماراتيًا (من 16 إلى 68 دولارًا تقريبًا) للصندوق، ويعتمد ذلك على النوعية ومدى قدرة المشتري على المساومة.
وما مهرجان ليوا للرطب سوى جزء من عدد متزايد من مهرجانات التمور في الخليج. يقام مهرجان الذيد للرطب للعام الثامن على التوالي في إمارة الشارقة في الوقت ذاته الذي يقام فيه مهرجان ليوا للرطب، ويُقام مهرجان أخر في سوق واقف في الدوحة، وهو في عامه التاسع، ومهرجان التمور العمانية الذي هو في عامه العاشر.
يقول روبرت بارتيزيوس (Robert Parthesius)، مدير مركز ذاكرة لدراسات التراث بجامعة نيويورك أبوظبي، الذي تركز أبحاثه على التراث غير المادي لطرق التجارة في المحيط الهندي، “ظاهريًا، مهرجان الرطب ليس سوى مهرجان من مهرجانات الحصاد التي نراها في مختلف أنحاء العالم. ولكن هذه المنطقة تضم دولاً قومية شابة نسبيًا، تأسس معظمها في منتصف القرن العشرين، وقد تغيرت الكثير من الأمور بسرعة كبيرة لدرجة أن التمسك بالتقاليد التي تعود إلى قرون مضت أصبح أمرًا أساسيًا. وتعد المهرجانات شيئًا أساسيًا لإحياء التراث غير المادي للمجتمع وعلاقته بالماضي والحفاظ عليه. في السياق الحديث للأسواق الدولية والزراعة المصنعة، تكمن أيضًا الحاجة لإحياء المعرفة التقليدية والحفاظ عليها. قد يبدو الأمر وكأنه حنين للماضي، ولكن ربط الحاضر بالماضي يعد أمرًا جديًا”.
كما أن مهرجانات التمور تشكل مادة للسياحة والتوجهات. فالسعودية التي هي أكبر دول الخليج إنتاجًا للتمور تعد كذلك موطنًا لمهرجان بريدة للتمور، أكبر مهرجانات التمور وأقدمها، حيث يبدأ في أغسطس/آب، ويستمر لعدة أسابيع خلال موسم الحصاد. ومع انفتاح السياحة في المملكة، أصبحت الآن وجهة للفعاليات، على غرار مهرجان العلا للتمور، الذي يقام في سبتمبر/أيلول، بالإضافة إلى مهرجان تمور الأحساء الذي يقام بين شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط.
مع تزايد الاهتمام بالتمور باعتبارها طعامًا فائق القيمة الغذائية في جميع أنحاء العالم، فإن ريادة الأعمال في مجال التمور قد تنامت أيضًا في المنطقة. وعلى مقربة من الطريق المؤدي للمهرجان نجد شركة تمور ليوا، التي تعد من أكبر مصانع التمور في الإمارات، وتقوم بمعالجة وتعبئة المحاصيل لمزارعي التمور من مختلف أنحاء المنطقة. يقول محمد المهيري، صاحب الشركة، “أنشأتُ هذه الشركة في عام 2006 لترجمة حبي لهذه الشجرة إلى منتج للمستقبل”، مشيرًا إلى بعض ابتكاراته، والتي تشمل مخللات التمر وصلصة التمر ومسحوق التمر فائق القيمة الغذائية وداتيلا (بديل النوتيلا). يضيف المهيري، “ومهما تحدثتُ عن التمور، فلن أتمكن من إنصافها مطلقًا. بدأت اليوم الكثير من الدول بزراعة أشجار النخيل بعد أن أدركوا الأهمية الصحية للتمور. كما أنه من السهل زراعة أشجار النخيل، ولا تحتاج لظروف تخزين خاصة، ولا تحتاج للطهي والإعداد. حيث يمكنني تناول تمرة من الصندوق وأكلها مباشرة. فالتمور مفيدة للذين يحبون الصحة الجيدة والمستقبل”.
بدأت قوة مدعومة من تركيا في سوريا هجوماً على مدينة كوباني، ذات الأغلبية الكردية، وحذر القادة الأكراد من أن ذلك قد يؤدي إلى تطهير عرقي، ويقوض المعركة ضد تنظيم داعش في شمال شرق سوريا.
ستشكل استضافة كأس العالم فرصة عظيمة للسعودية في دعم الإصلاحات المرتبطة برؤية2030 . وفي حين أن الاستعدادات للبطولة ستكون مكلفة، إلا أنها ستعزز النمو الاقتصادي، ومن شأنها أن تدفع نحو المزيد من التغيير الاجتماعي.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.