تدور النقاشات داخل تونس، وفي جميع أرجاء المنطقة، حول قرار الرئيس قيس سعيد إقالة رئيس الوزراء وتعطيل مجلس نواب الشعب، وتداعيات هذا القرار على التجربة الديمقراطية في تونس. يشيد العديد من التونسيين بتحرك سعيد باعتباره وسيلة لإصلاح المأزق السياسي والتدهور الاقتصادي في تونس، في حين ينظر إليه آخرون على أنه انزلاق في الطريق إلى الديكتاتورية. وينظر المؤيدون إلى تعطيل سعيد لمجلس النواب وتجريد أعضائه من الحصانة البرلمانية على أنه محاولة لاستئصال الفساد، ويراه آخرون هجومًا عدوانيًا على نظام الأحزاب السياسية وخصوم سعيد السياسيين، بما في ذلك حركة الإسلامية النهضة القوية، وزعيمها راشد الغنوشي رئيس مجلس النواب.
وفيما هو أبعد من المعضلات السياسية العاجلة، تعاني تونس كذلك من أزمة صحية واقتصادية عامة. حيث وجهت جائحة كورونا ضربة شديدة للبلاد، حصل أقل من 20٪ من السكان على التطعيم الكامل، وكانت حصيلة الوفيات مرتفعة للغاية مقارنة بعدد السكان القليل – أكثر من 20 ألف وفاة. ويرى الخبراء أن الحكومة قد تعاملت بشكل سيئ في مواجهة الجائحة منذ اندلاعها، وأن عملية التطعيم ما تزال متعثرة. تمت الإشارة إلى سوء إدارة الحكومة لإجراءات الصحة العامة في مواجهة الجائحة على أنه السبب الرئيسي الذي دفع سعيد لاتخاذ القرار بإقالة رئيس الوزراء وتعطيل مجلس النواب. وزد على ذلك، فإن تونس تتفاوض الآن بشأن قرض آخر من صندوق النقد الدولي في محاولة للتعامل مع الانخفاض الكبير في قيمة العملة، وارتفاع الديون الوطنية (91٪ من إجمالي الناتج المحلي) والبطالة، وارتفاع تكاليف السلع الأساسية مثل الغذاء والوقود. تقلص الاقتصاد التونسي بنسبة 8.8٪ في عام 2020، كما أن الاستثمار الأجنبي المباشر والسياحة في تراجع مستمر.
يكمن الأمل المُلح لمؤيدي التعددية السياسية في أن يعلن سعيد، قريبًا، عن خارطة طريق وتشكيل حكومة جديدة. ومع ذلك، فإن مواقف سعيد لا تقدم إلا القليل من أسباب الثقة. كتب الخبير السياسي التونسي محمد ضياء الهمامي، “على الرغم من وجهات نظر سعيد السياسية المبهمة، أو غير المتناسقة في بعض الأحيان، إلا أن تصريحاته السابقة توضح بشكل واضح ازدراءه للأحزاب، ودعمه للامركزية الراديكالية، ورغبته في نظام رئاسي. لم يتضح بعد كيفية تصرفه بناءً على هذه الأفكار- وما إذا كانت أفعاله ستخفف من حدة الأزمة التونسية أم ستعمقها”.
هناك أيضًا تداعيات إقليمية أوسع لقرار سعيد، وأهمها ما يتعلق بالشريكين الخليجيين الرئيسيين لتونس، قطر والإمارات العربية المتحدة. تعتبر هذه التداعيات التونسية هي أساس المناقشات، الأكثر إلحاحًا، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولا سيما ما يدور منها حول إرث احتجاجات الربيع العربي في عام 2011، وكيفية معالجة الضائقة السياسية والاقتصادية المتفاقمة في المنطقة، وما هو دور الأحزاب الإسلامية؟ وما إذا كان هناك مستقبل للتعددية السياسية في الشرق الأوسط.
سعيد يفعّل المادة 80
في 25 يوليو/تموز، فعّل سعيد المادة 80 من دستور 2014 لتونس، التي تسمح للرئيس باتخاذ إجراءات استثنائية لمدة 30 يومًا إذا كان هناك “حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة”. وبموجب الدستور، لا يمكن اللجوء إلى “حالة الطوارئ” هذه ومدتها 30 يومًا إلا بعد التشاور مع رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب. تمت الإشارة للقرار على أنه رد على الاحتجاجات المناهضة للحكومة، والتي تحول بعضها إلى أعمال عنف استهدفت مكاتب حركة النهضة.
حتى عندما برر سعيد قراره من خلال المادة 80، أشارت بعض التقارير إلى أنه لم تتم استشارة رئيس الوزراء ولا رئيس مجلس النواب، بأي شكل من الأشكال، حول هذا القرار. المشكلة هي أن المحكمة الدستورية المكلفة من قبل الدستور للبت في مثل هذه الأمور لم تتشكل بعد بسبب الجمود السياسي المستمر في البلاد واشتداد الانقسامات. لذلك، فإن السلطة القضائية غير قادرة على النظر فيما إذا تم تطبيق المادة بشكل صحيح أو، التحقق بشكل أساسي من صلاحيات الرئيس في هذا الظرف.
قام سعيد بإقالة رئيس الوزراء، وتعطيل مجلس النواب، وجرّد أعضاء مجلس النواب من الحصانة، وتولى مهام النائب العام. وهذا مكَّن سعيد من السيطرة على كافة فروع الحكومة الثلاثة، وقد وصف أعضاء حركة النهضة، وهي الحزب السياسي الرائد في مجلس النواب وأحد منافسي سعيد الرئيسيين، وأعضاء آخرون في مجلس النواب هذه الخطوة بأنها انقلاب. في اليوم التالي، أعلن سعيد حظر تجول لمدة 30 يومًا في البلاد، واعتقل العديد من أعضاء مجلس النواب. لقد مرت ثلاثة أسابيع منذ إعلان حالة الطوارئ هذه، ولم يصدر سعيد حتى الآن خارطة طريق حول الكيفية التي يخطط بها للمضي قدمًا، ولم يتم تشكيل حكومة جديدة. دعت حركة النهضة وغيرها من الأطراف السياسية الفاعلة إلى حوار وطني، لكن سعيد رفض هذه الفكرة.
يعمل الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو أحد أقوى الأطراف السياسية الفاعلة في البلاد، والذي كان له دور مهم في احتجاجات الشوارع السابقة، على صياغة مسودة لخارطة طريق للرئيس، وحثه على تعيين رئيس وزراء جديد في أقرب وقت ممكن لمواجهة الأزمة التونسية الملحة في الاقتصاد والصحة العامة. أصدرت جامعة الدول العربية بيانًا حثت فيه “تونس على تجاوز المرحلة المضطربة الحالية بأسرع وقت، واستعادة الاستقرار والهدوء وقدرة الدولة على الأداء الفعال للتجاوب مع تطلعات ومتطلبات الشعب”. وطلبت الأمم المتحدة من جميع الأطراف في تونس “التحلي بضبط النفس والامتناع عن العنف وضمان بقاء الوضع هادئًا”. في 13 أغسطس/آب، التقى نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي، جوناثان فاينر (Jonathan Finer)، بسعيد لاطلاعه على بيان من الرئيس جوزيف بايدن “مؤكدًا دعمه الشخصي، ودعم إدارة بايدن-هاريس، للشعب التونسي وحثه على العودة السريعة إلى طريق الديمقراطية البرلمانية في تونس”.
لم يأتِ تحرك سعيد الصارم من فراغ. فقد تجمد النظام السياسي في تونس بسبب الخلل الوظيفي، وكان الاقتصاد يتدهور، الأمر الذي أثار احتجاجات كبيرة مناهضة للحكومة، اتسم بعضها بالعنف. وقد ذكرت مؤخرًا خبيرة تشاثام هاوس ومديرة مركز الدراسات المغاربية في تونس لاريسا شومياك (Laryssa Chomiak) في ندوة، عبر الإنترنت، أن هذه الاحتجاجات كانت تاريخيًا أكثر تركيزًا على الناحية الاقتصادية، ولكنها تحولت تدريجيًا نحو السياسة في عام 2018، عندما بدأت في استهداف قضايا مثل عنف الشرطة المتزايد. أدى التأثير الفظيع لجائحة فيروس كورونا على الصحة العامة والاقتصاد إلى تفاقم المشاكل الهيكلية الكامنة في تونس المتعلقة بالحوكمة والفساد وسوء الإدارة الاقتصادية.
أجرى أكاديميون استطلاعات للرأي في تونس في محاولة للحصول على آراء المواطنين حول التطورات، وكان من ضمنها استطلاع لـ 3,198 تونسيًا أجرته الكتيبة، وهي مجلة على الإنترنت وInsights Tunisia. عند السؤال عن “كيف تصف تطبيق المادة 80؟” اختار أكثر من 60٪ من المستطلعة آراؤهم بأنها “خطوة نحو تصحيح مسار الثورة والديمقراطية ومحاربة الفساد في مجلس النواب”. واختار أقل من 40٪ “انقلابًا على مجلس النواب والدستور وخطوة نحو الحكم الفردي والديكتاتورية”. قال 57.9٪ من المستطلعة آراؤهم إنهم مرتاحون لقرار الرئيس، في حين قال 36.7٪ إنهم غير مرتاحين. ولدى سؤالهم عما إذا كانوا يتفقون مع العبارة التي تنص على أن حركة النهضة تتحمل المسؤولية الأساسية عن “تدهور الوضع العام”، أجاب 75٪ بالموافقة، وعارض حوالي 23٪. وكانت النتائج أقرب إلى التساوي على أسئلة مثل “هل أنت قلق بشأن الديمقراطية والحرية؟”، أجاب 42٪ بنعم، وأجاب 52٪ بلا، وقال 6٪ إنهم لا يعرفون. علاوة على ذلك، عندما سئلوا عن العبارة: “إن تمديد حالة الطوارئ لأكثر من 30 يومًا هو خطوة نحو الديكتاتورية”، وافق 45٪ وعارض ذلك نحو 52٪. كما انقسمت نتائج الاستطلاع بشكل شبه متساوٍ حول ما إذا كان التونسيون يفضلون النظام الرئاسي (46.6٪) أو النظام البرلماني (50.6٪).
وفي حين أن الاستطلاعات عبر الإنترنت محدودة للغاية، وربما تعكس نتائجها التركيز على المدن، ولا تسجل المستويات الدقيقة من الدعم السياسي لحركة النهضة، فإن هذه النتائج تعكس الكثير مما يجادل به العديد من المحللين التونسيين، إن معظم الجمهور التونسي يدعم قرار سعيد، وقد ضاق الكثير منهم ذرعًا من الويلات السياسية والاقتصادية للبلاد. علاوة على ذلك، وعلى الرغم من أن حركة النهضة ما تزال تواصل أداءها الجيد في الانتخابات، إلا أن العديد من التونسيين يلقون باللوم على هذه الحركة، التي كانت عضوًا رئيسيًا في كل الحكومات تقريبًا منذ ثورة 2011، في الكثير من مشاكل البلاد. ومع ذلك، يشير هذا الاستطلاع أيضًا إلى أن الكثير من الأمور ستتوقف على ما إذا كان سعيد سيمدد حالة الطوارئ لتتجاوز الثلاثين يومًا، وما هي خارطة الطريق التي يمكنه التوصل إليها لمعالجة الأزمات السياسية والاقتصادية والصحة العامة في تونس.
معارك الخليج بالوكالة في الساحة التونسية
تعد الدول الأوروبية والخليجية أهم الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين لتونس. حيث تعتبر كلٌ من فرنسا وقطر والإمارات وألمانيا وإيطاليا أكبر مصادر الاستثمار الأجنبي المباشر في تونس. ولعبت الولايات المتحدة دورًا بارزًا على جبهة المساعدات، حيث خصصت 1.4 مليار دولار أمريكي لتونس منذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011 ومئات الملايين من ضمانات القروض التي كانت تونس في أمس الحاجة إليها منذ عام 2012.
منذ احتجاجات الربيع العربي في تونس عام 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، لجأت الإمارات وقطر لدعم جهات فاعلة مختلفة في البلاد. باستخدام أدوات إظهار القوة الناعمة، بما في ذلك الاستثمار والمساعدات والدعم الدبلوماسي، سعى كلا البلدين، بدرجات متفاوتة، إلى تحقيق مصالحهما الإستراتيجية في الدولة الشمال أفريقية الصغيرة ذات المكانة الإستراتيجية.
أصبحت تونس، بدرجة أقل بكثير من ليبيا المجاورة، ساحةً رئيسيةً للمعارك بالوكالة بين دول الخليج، مثل الإمارات وقطر من أجل النفوذ السياسي، مقسمة حول تصورات مختلفة جدًا للإخوان المسلمين والأحزاب الإسلامية بشكل عام. صنفت المملكة العربية السعودية والإمارات جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، وبالنسبة للإمارات بشكل خاص، فإن كبح النفوذ السياسي للإسلاميين والأحزاب السياسية المرتبطة بالإسلاميين في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يمثل أولوية استراتيجية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمحاربة التطرف في المنطقة. بالنسبة لقطر، التي تتمتع بعلاقات تاريخية عابرة للحدود مع شبكة الإخوان المسلمين، فإنها تعتبر الأحزاب الإسلامية حلفاء استراتيجيين يمكنهم أن يكونوا أيضًا لاعبين سياسيين فعالين، ويتجلى هذا من خلال نجاحاتها الانتخابية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد احتجاجات عام 2011.
كان يُنظر إلى رئيس الوزراء هشام المشيشي، بشكل متزايد، على أنه حليف لحركة النهضة، وأنه كان يتعمد تهميش الرئيس. بعد يوم واحد من قرار سعيد إقالة المشيشي، اقتحم 20 عنصرًا من رجال الشرطة بالزي المدني مكتب الجزيرة في تونس العاصمة وأغلقوه. تم انتقاد هذه الخطوة باعتبارها اعتداء على حرية الصحافة. وقد تُفهم أيضًا على أنها طلقة تحذيرية ضد حركة النهضة، التي غالبًا ما تتعرض لانتقادات بسبب علاقاتها مع قطر وتركيا. ازدادت استثمارات قطر في تونس على مر السنين منذ أن أدت احتجاجات الربيع العربي عام 2011 إلى فترة من النجاحات الانتخابية لحركة النهضة.
عمل سعيد على تحقيق توازنٍ في العلاقات بين شركاء تونس الخليجيين الرئيسيين. حيث قام بزيارة قطر في أواخر عام 2020 للبحث في تعميق العلاقات التونسية-القطرية. كان أمير قطر أول رئيس دولة يزور سعيد بعد انتخابه في أكتوبر/تشرين الأول 2019. ولكن سعيد زار أيضًا واستضاف مسؤولين إماراتيين وسعوديين ومصريين. يبدو أن التوترات التي تشوب علاقته بحركة النهضة متجذرة في الانقسامات السياسية التونسية الداخلية أكثر منها في خطوط الصراع الإقليمي الأوسع حول الإسلاموية، على الرغم من أنه من غير المرجح أن تعمل هذه الحقيقة على إضعاف جهود مختلف اللاعبين الإقليميين الرامية لتشكيل التطورات الجارية حسب رغباتهم. ويبدو أن قراره بإقالة الحكومة نابع بشكل أساسي من المصلحة السياسية والرغبة في تهميش المعارضين السياسيين ومجلس النواب بأكمله الذي يعتبره سعيد زاخرًا بالفساد وعقبة أمام التقدم الاقتصادي والسياسي.
ردود الفعل الخليجية
لاحظ العديد من المحللين ردود الفعل المتباينة من وسائل الإعلام الإقليمية. أشادت الكثير من وسائل الإعلام السعودية والإماراتية والمصرية بقرار سعيد واعتبرته ضربة مهمة لحركة النهضة، وبالتالي للإسلام السياسي في المنطقة. في الواشنطن بوست، قامت كلير باركر (Claire Parker) بتسليط الضوء على عنوان رئيسي في جريدة عكاظ السعودية: “تونس تثور ضد الإخوان”؛ وعلى وصْف المنصة الاعلامية الإخبارية الإماراتية 24 ميديا لهذه الخطوة بأنها “قرار شجاع لإنقاذ تونس”؛ وعلى إشارة صحيفة الأهرام المصرية بأن الأحداث كانت “خسارة آخر معقل للإخوان في المنطقة”.
ثمة معارك دعائية شرسة حول السياسة التونسية والإسلام السياسي تدور بين وسائل الإعلام الخليجية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح العديد منها موضوعًا للعديد من الدراسات الأكاديمية حول التضليل والتلاعب على منصات رئيسية مثل تويتر. على سبيل المثال، فيما يتعلق بردود فعل وسائل التواصل الاجتماعي على قرار سعيد، قام مارك أوين جونز بتحليل 12,000 تغريدة من 6,800 مستخدم على تويتر تحت هاشتاج “التونسيون يثورون على الإخوان”. اكتشف أن أغلبية المستخدمين الذين يغردون بهذا الهاشتاج كانوا من المملكة العربية السعودية والإمارات، وأن أكثر عشرة حسابات تفاعلاً مع الهاشتاج كانت جميعها من جانب شخصيات مؤثرة (انفلونسرز) علي وسائل التواصل الاجتماعي مقيمة في هذين البلدين الخليجيين.
تفاوتت ردود الأفعال الرسمية من حكومات الخليج. تحدث وزيرا الخارجية السعودي والتونسي في اليوم التالي لقرار سعيد، ودعا وزير الخارجية السعودي إلى الأمن والاستقرار. قدمت أبو ظبي المزيد من الدعم المباشر لقرار سعيد. سافر المستشار الدبلوماسي لدولة الإمارات ووزير الدولة للشؤون الخارجية السابق، أنور قرقاش، إلى تونس بعد فترة وجيزة من تطبيق سعيد للمادة 80 والتقى بالرئيس. وأكد قرقاش على “إننا ندعم الدولة التونسية والرئيس في هذه الأجندة الإيجابية”. ونظرًا لعلاقات قطر الوثيقة مع النهضة، اتخذ أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني نبرة مختلفة بعض الشيء، داعيًا إلى الحوار ومشددًا على “أهمية ترسيخ أسس دولة المؤسسات وإرساء سيادة القانون في تونس”.
تداعيات أحداث تونس على دول الخليج
ليس من السهل معرفة ما سيفعله سعيد فيما بعد، الأمر الذي يجعل من الصعب التنبؤ بمدى تأثير ذلك على الديناميكيات الإقليمية. لا شك أن هناك دولاً مثل الإمارات والسعودية ومصر قد رحبت بهذه التطورات السياسية، واعتبرتها وسيلة لتهميش حركة النهضة، التي تعتبرها حزبًا إسلاميًا قويًا في المنطقة. إذا قرر سعيد تمديد حالة الطوارئ وإنشاء نظام رئاسي يكون من شأنه تهمش مجلس النواب، بشكل كبير، وبالتالي تهميش الأحزاب السياسية القوية مثل حركة النهضة، فمن المرجح أن تكون الإمارات على أتم الاستعداد لتقديم الدعم المالي لتونس، التي هي في أمس الحاجة إليه، بالإضافة إلى دعم دبلوماسي أكبر لقرار سعيد المثير للجدل.
حتى ولو كان لدول الخليج مصالح استراتيجية مختلفة، وتبنت أفكارًا متناقضة حول كيفية تحقيق أهدافها، فإن ردود أفعالها الرسمية على الأحداث الجارية في تونس تشير إلى تفضيلها للاستقرار والأمن – وهي مسألة لا تزال نهايتها مفتوحة ولا توجد أي خارطة طريق أو إشارة للكيفية التي يبدو أن سعيد سينتهجها للمضي قدمًا. سوف تتابع الأطراف الخليجية الوضع عن كثب، وبصرف النظر عن النتيجة، فسوف تواصل إرسال لقاحات فيروس كورونا وتقديم المزيد من الدعم الإنساني. إن أي تغيرات على المدى البعيد في استراتيجيات الاستثمار من جانب دول الخليج مثل الإمارات وقطر سوف تعتمد على ما سيقوم به سعيد لاحقًا.