ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
إلى أي مدى تنعكس المداولات الداخلية لفيلق القدس، القوة الطليعية لحرس الثورة الإسلامية، في المجلات العسكرية الصادرة في إيران؟ يوفر مسح لسلسلة كاملة لمجلتين من منشورات جامعة الإمام الحسين التابعة لحرس الثورة الإسلامية معلومات محدودة ولكنها قيمة.
منذ تأسيسها في عام 1986، تطورت الجامعة تدريجيًا لتصبح العمود الفقري الأكاديمي لحرس الثورة الإسلامية. ولديها اليوم 31 مجلة مُحكّمة، واحدة تقريبًا لكل برنامج دراسات عليا يتم تقديمه. من بين المجلات، Siasat-e Defaee (سياسة الدفاع، التي تصدر منذ عام 1991) وAfaq-e Amniat، (آفاق أمنية، التي تصدر منذ عام 2010)، وتختص المجلات الفصلية (ربع السنوية) بالقضايا الاستراتيجية. ومن بين مئات المقالات المنشورة في هذه المجلات على مر السنين، تتناول 10 مقالات فقط قضايا الأمن الإقليمي، التي تشمل المجتمعات الشيعية والميليشيات المسلحة بطريقة موضوعية. ونظرًا لأن الأمن الإقليمي يقع ضمن اختصاص فيلق القدس، ومعظم المؤلفين أعضاء في هيئة تدريس الجامعة، يمكن للمرء أن يفترض بحذر أن المقالات تعكس، إلى حد ما، المداولات الداخلية في فيلق القدس.
بين عام 1991 وهجمات 11 سبتمبر 2001، لم تنشر مجلة سياسة الدفاع أي شيء يشير إلى فيلق القدس أو بصدد مفهوم الحرب غير المتكافئة. وتغير ذلك في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لأفغانستان في عام 2001، وبشكل خاص بعد غزو العراق عام 2003.
ظهر أول تحليل امبريقي، مع إشارة محددة إلى حلفاء ووكلاء فيلق القدس، في طبعة خريف 2008 في مجلة سياسة الدفاع. في هذا التحليل، ناقش المؤلفون كيف تمكنت الجمهورية الإسلامية، من خلال نفوذها بين الشيعة العراقيين، من تحويل الوجود العسكري الأمريكي في العراق من تهديد إلى فرصة. ووصلت طبعة شتاء 2013 من مجلة آفاق أمنية إلى حد وصف المجتمعات الشيعية في منطقة الخليج وما بعدها بأنها “شبكة رادعة”. وتفصيلاً للفكرة نفسها، زعم مقال نُشر في شتاء 2013 في مجلة سياسة الدفاع أن حلفاء إيران ووكلاءها الفرعيين هم على قدم المساواة مع القوة الرادعة لترسانة إيران من صواريخ كروز والصواريخ الباليستية. وعرض مقال شتاء 2015 عن حزب الله اللبناني ومقال شتاء 2017 عن أنصار الله في اليمن نقاشات مماثلة.
قدم الأستاذ المساعد في الجامعة، حسين باقري، التحليل الأكثر دقة للديناميكيات السياسية العرقية والطائفية في العراق، وتأثيرها على أمن إيران في طبعة خريف 2013 في مجلة آفاق أمنية، أثناء تقديمه رؤى أعمق في المداولات الداخلية لفيلق القدس. ويعد تقييم المقال لنقاط ضعف المجتمع الشيعي لافتاً للأنظار بشكل خاص. ويجادل باقري بأن الشيعة العراقيين منقسمون ما بين متدين وعلماني، وينقسم المتدينون إلى تيارات، حيث يتبع كل منهم زعيماً دينياً معيناً. ويحذر باقري بشكل منفصل من أنه: “قد تم فصل المعارضين الشيعة المتواجدين في إيران وسوريا [من نظام البعث سابقاً] عن المجتمع العراقي… فهم يفتقرون إلى البنية التحتية لإعادة الروابط، [في هذه الأثناء]، قد يوفر الفراغ للمنافسين [الإقليميين لإيرانيين] الفرصة لإنشاء مجموعات وعناصر متنافسة”. ويشير المقال أيضًا إلى الصعوبات التي يواجهها حلفاء إيران الشيعة في محاولتهم للانتقال من المنظمات السياسية العسكرية السرية إلى أحزاب ومنظمات سياسية شاملة، تشارك في الأنشطة الثقافية والتعليمية.
يساهم بعض قادة حرس الثورة الإسلامية البارزين في المجلات العسكرية. حيث تميزت طبعة خريف 2013 من مجلة آفاق أمنية بمقال شارك في تأليفه العميد محمد حسين أفشوردي، المعروف باسم محمد باقري، الذي يشغل حاليًا منصب رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، وحسين أكبري من جامعة الإمام الحسين. يطرح المؤلفان سؤالاً: إلى أي مدى يلعب وجود الطوائف الشيعية خارج إيران دوراً في “توسيع واستمرارية عقيدة الثورة الإسلامية في المنطقة؟” ويخلص المؤلفان إلى أن الجمهورية الإسلامية قادرة على استخدام الشيعة غير الإيرانيين لكسب نفوذ إقليمي. لكن الأقدمية العسكرية لا تضمن بالضرورة خبرة أكاديمية جيدة، حيث يعد المقال أقرب إلى كونه بياناً سياسياً.
من ناحية أخرى، يُقدم مقال فضل الله نوزاري عن الحروب غير المتكافئة في طبعة شتاء 2014 من “سياسة الدفاع”، توصيات تكتيكية موجزة للدفاع غير المتكافئ في حالة عدوان من الولايات المتحدة. ومع ذلك، فقد ظهرت أبرز المقالات في “آفاق أمنية” في عامي 2018 و2019، وخاصة تلك التي كتبها اثنان من الأساتذة المساعدين في الجامعة، بهزاد قاسمي وروح الله قادري كانجافاري.
يبحث مقال قاسمي، “الجغرافيا السياسية لمحور المقاومة”، بشكل صريح سياسة الجمهورية الإسلامية في دعم الشيعة الإقليميين على أنها “تهديد ضد الأنظمة المحافظة وغير الديمقراطية في المنطقة، ولكنها أيضاً ضد الغرب والولايات المتحدة”. ويشرح قادري كانجافاري في مقاله في طبعة خريف 2019 من مجلة آفاق أمنية بكل وضوح ودون إبداء الندم مفهوم “تصدير الثورة” باعتباره استراتيجية أمن قومي للجمهورية الإسلامية: “تاريخيًّا، عندما كانت إيران تحدد أمنها القومي داخل حدودها السياسية، تم انتهاك استقلالها وسيادتها الوطنية، وتهديد تكامل أراضيها الإقليمية… وبالتالي، لا يمكن لإيران مواجهة التهديدات الخارجية في غياب حضور قوي إقليمياً أو حتى خارج الإقليم”.
ثم ينتقل قادري كانجافاري ليشرح بوضوح أهداف فيلق القدس: 1) تأمين بقاء النظام السوري… من أجل الحفاظ على الممر البري من إيران، عبر العراق وسوريا إلى لبنان، لنقل القوات والأسلحة والمعدات… 2) ردع النظام الصهيوني… من خلال تعزيز مواقع حزب الله في مرتفعات الجولان… 3) تأمين وحدة أراضي العراق، تحت حكم نظام شيعي متحالف مع إيران، ويقوم على حمايته شيعة الحشد الشعبي شبه العسكري بقيادة فيلق القدس، والمضي قدماً بتنفيذ أجندة إيران في العراق… 4) طرد قوات الولايات المتحدة من المنطقة… 5) تعزيز نفوذ إيران السياسي والاقتصادي والديني والثقافي في سوريا والعراق ولبنان، خاصة من خلال إعادة إعمار سوريا والعراق بعد الحرب.
ويجادل كانجافاري بأن هذا الجهد الذي يبذله فيلق القدس، يُحسِّن من موقف الجمهورية الإسلامية الدبلوماسي في المفاوضات.
ربما لا تقدم هذه المقالات الصحفية، بحد ذاتها، الحقيقة الكاملة عن فيلق القدس، وكذلك لن يفعل أي مصدر آخر. فقط أجزاء من المعلومات التي يتم جمعها من جميع المصادر المفتوحة المتاحة هي التي تساعد في حل اللغز.