أُقيم العرض العالمي الأول لمسرحية "الرحيل"، التي كتبتها شابة إماراتية في يناير/كانون الثاني، في أبوظبي. يعمل هذا الإنتاج الشعري الإبداعي، طاقم التمثيل بالكامل فيه من الاناث الإماراتيات، على زعزعة العديد من الفرضيات حول المسرح، وما يعنيه أن تكوني شابة في دولة الإمارات العربية المتحدة المعاصرة.
أُقيم العرض العالمي الأول لمسرحية “الرحيل”، التي كتبتها شابة إماراتية في يناير/كانون الثاني، في أبوظبي. يعمل هذا الإنتاج الشعري الإبداعي، طاقم التمثيل بالكامل من الاناث الإماراتيات، على زعزعة العديد من الفرضيات حول المسرح، وما يعنيه أن تكوني شابة في دولة الإمارات العربية المتحدة المعاصرة.
“الخطوط الحمراء”. هكذا تصف ريم المنهالي، وهي كاتبة من أبوظبي تبلغ من العمر 21 سنة، القيود التي تبرز في وجه مراهقةٍ إماراتية عند دخولها إلى مرحلة الأنوثة. تتذكر كيف انهال عليها الكبار -عندما بلغت السادسة عشرة من عمرها- بأوامرهم الزاجرة حول كيفية التصرف، وما الذي يجب أن تحذر منه. أخبروها أن عليها أن تتزوج وتنجب أطفالا، ما يعني أن الكثير من الأشياء التي أرادت القيام بها ستكون بعيدة المنال بعد ذلك. رفضت ريم التخلي عن أحلامها، واثقةً من أن هذه القيود تنتمي إلى جيل آخر.
حققت ريم أحد هذه الأحلام في يناير/كانون الثاني عندما مثلت في مسرحية كتبتها بنفسها، حيث أُقيم العرض العالمي الأول لمسرحية “الرحيل” في مركز الفنون بجامعة نيويورك أبوظبي، وهو منصة للفنون المعاصرة يجلب فرق الفنون الاستعراضية من جميع أنحاء العالم، ويسعى إلى تشجيع الإنتاج الفني الإبداعي للفنانين المحليين. لقد كان عمل ريم، الذي دعمته أيضًا مؤسسة أبوظبي الثقافية، منسجمًا مع هذه المهمة. زعزعت مسرحية “الرحيل” العديد من الفرضيات حول المسرح وما يعنيه أن تكوني شابة في دولة الإمارات العربية المتحدة المعاصرة.
يمتاز العرض بطاقم كله من النساء الإماراتيات، وهذا أمر نادر في بلد يقتصر المسرح فيه على الرجال بشكل أساسي. وتحمل “الرحيل” رسالة عالمية من خلال استكشاف ما يتركه الأشخاص وراءهم عندما يبلغون سن الرشد. إن ما يجعل المسرحية فريدة من نوعها هو أنها تفسح المجال لأصوات نادرًا ما تُسمع، كأصوات الشابات الإماراتيات في أوائل العشرينيات من عمرهن. ومن خلال النص والتصميم المسرحي المبتكر، يتم إقحام المتفرج في محادثة حميمة حول ما يؤثر على تكوين الهوية.
أنجزت ريم العمل مع جوانا سيتل، وهي مخرجة مسرح أمريكية متمرسة وأستاذة ريم في جامعة نيويورك أبوظبي، حيث تستكمل الشابة مساقًا في علم النفس والمسرح. وقد اعتادت جوانا، التي هي مخرجة مسرح على مستوى عالمي، على إنتاج أعمال كبيرة، في محافل كبيرة، وميزانيات بملايين الدولارات، وتغطية من “نيويورك تايمز”. عندما انتقلت إلى الإمارات العربية المتحدة قبل عامين، بدأت البحث عن نماذج مسرحية جديدة من شأنها أن تعكس موطنها الجديد وتساهم فيه.
استرجعت جوانا ذاكرتها قائلةً، “في آخر محاضرة لي في الإخراج المسرحي، دخلت ريم وسألتني فيما إذا كان بإمكانها إحضار بعض القصائد التي كتبتها لمعرفة ما إذا كانت تناسب المسرح، ألقت القصائد بمزيج من العربية والإنجليزية، لقد أسرتني حقًا بما قالت وبأسلوبها في ذلك”. كانت جميع القصائد تدور حول الرحيل. وقالت ريم: “الأولى عن مغادرة الطفولة، والثانية عن مغادرة الحب، والثالثة عن مغادرة الحياة، وقمتُ بجمعها معًا. فكانت العمود الفقري للمسرحية”.
بالنسبة لريم كان الشعر والمسرح مترابطين دومًا. فقد جلبا تجارب قيمة لحياتها. وتتذكر قائلةً، “كنت أشاهد الكثير من المسرحيات مع والدي، وكثيرًا ما كنا نذهب إلى الشارقة (حيث العروض المسرحية الحيوية باللغة العربية)”. كما نشأت على الاستماع إلى الشعر النبطي، وهو الشعر الشفهي العامي لدول الخليج العربية. “لم يكن جدي الأول يستخدم أبدًا الكلمات الدارجة في كلامه، كان كلامه إما قصيدة أو أُحجية، وكان ذلك شائعًا في جيله”. اليوم، تحب ريم كتابة المسرحيات والرواية والخاطرة، “شكل من أشكال الكتابة العربية تستحوذ على ومضات قصيرة من الإحساس”.
تحت إشراف جوانا، توسعت قصائد رحيل ريم إلى عرض مدته خمسون دقيقة. وبالإضافة إلى ريم، كان طاقم التمثيل يضم ثلاث طالبات إماراتيات شابات أخريات، مريم خليفة الشحي وميثاء السويدي وساره رشيد. قالت جوانا إن القيام بهذا العرض كان عملية غير عادية لأنها كانت الوحيدة التي قامت بهذا العمل من قبل. “كان علينا أن نبتكر كل شيء من جديد، بما في ذلك البروفة، التي تضمنت اعتبارات مثل “لا أستطيع الحضور فعائلتي يريدونني أن أُحضر جدتي من المطار”، أو “لن يسمح لي أبي بمغادرة البيت في المطر”.
ولأن البروفة كانت تدريجية، فقد أصبحت هي أيضًا جزءًا من العملية الإبداعية. أحد الأمثلة على ذلك هو مشهد الرقائق (الشيبس). واستحوذت الطقوس التي تؤديها الممثلات أثناء الاستراحة على اهتمام جوانا، “فقد كنّ يجلسن لتناول الوجبات الخفيفة ورقائق البطاطس ويتحدثن بمزيج من الإنجليزية ولهجتي الشارقة أو رأس الخيمة الإماراتيتين، لقد كان الحديث خليطًا، أعتقد أن هذا كان أعظم شيء رأيته على الإطلاق”. يعكس المشهد، الذي أصبح الآن جزءًا من العرض، التعددية اللغوية في الإمارات العربية المتحدة، حيث يتحدث معظم السكان المحليين، وخاصة الشباب، الإنجليزية والعربية. وتمثل مسرحية “الرحيل” هذه الحقيقة، وتؤدي الممثلات أدوارهن باللغتين وأحيانًا يتم تقديم الترجمة.
تتناول المسرحية الخطوط الحمراء التي، من وجهة نظر ريم، تعمل على تأطير حياة الشابات الإماراتيات، بما في ذلك الخطوط التي ترسمها الممثلات حرفيًا على المسرح. في أحد المشاهد الأخّاذة، يتم تقديم عباءة سوداء لريم، ذات الشعر الأسود الطويل الذي ينسدل بحرية على فستانها الأبيض. تظهر الكلمات على الشاشة، “دعيني أورثك دورك الاجتماعي، هذا هو الزي الخاص بكِ، ارتديه، هذه هي الأخلاق التي سوف تحيَين بها”. ويتبع ذلك أوامر زاجرة أخرى، “قد لا تكون قوانيننا منطقية، لكنها تحافظ على متانة شبكتنا الاجتماعية، ستشعرين بأنك محبوبة إذا اتبعت التعليمات”.
من خلال التمثيل على المسرح، تتحدى الفنانات هذه الأعراف. قالت مريم، إحدى الممثلات، إنها كانت قلقة أثناء البروفات بشأن ما سيقوله والداها وأصدقاؤها، “كثير من الناس يعتبرون تمثيل المرأة الإماراتية شيء من المحرمات، لأنهم يربطون بين الظهور على خشبة المسرح والحط من قيمة كل أوسمة الوجاهة التي تولد معها، وبسبب القلق المستمر من أن الموضوعات التي تم طرحها ستكون سياسية أو محرمة”. وبمجرد الوقوف على خشبة المسرح، تلاشت مخاوفها، “كنتُ حافية القدمين، وكنت أرتدي “المخوّر”، الزي التقليدي الإماراتي -وأحيانًا مع العباءة – وكنت حقًا أشعر أن المسرح بمثابة بيت لي، لا أحد يفرض عليّ القيم أو يأمرني بفعل أشياء لست مرتاحةً للقيام بها”.
كانت ميثاء، وهي ممثلة أخرى، قد أدّت في السابق عرضًا موسيقيًا في جامعتها، وذكرت أنها لم تكن خطوة سهلة، “عندما وقفت على المسرح لأول مرة، كان أفراد أسرتي -وحتى أنا في مواقف معينة – متشككين فيما إذا كان ينبغي عليّ القيام بأعمالٍ مسرحية”. إن عدم وجود ممثلات من الإناث للتعايش معهن خلق بعض الهواجس، فالمرّة الوحيدة التي شاهدت فيها فنانة ترتدي الحجاب كانت في عرضٍ برودواي الموسيقي في نيويورك، ولم يبدُ أنها تمثل المرأة المسلمة بشكل دقيق. عندما بدأت التمثيل، راودها اعتقاد بأنها تكسر أحد الحواجز، “ما تعلمته هو أنه ليس أمرًا غير طبيعي أن تقوم امرأة إماراتية بالتمثيل على خشبة المسرح، كما أن ذلك لم يكن بعيد المنال”. استقبل المتفرجون الإماراتيون مسرحية “الرحيل” بشكل إيجابي، وهو ما وفر لميثاء الارتياح لرغبتها في مواصلة الأداء على خشبة المسرح.
لدى ريم القناعة بأن المعارضة لرؤية المرأة الإماراتية على خشبة المسرح، بما في ذلك النساء المتزوجات، سوف تتلاشى بالكامل في السنوات القليلة المقبلة، “كل شيء يتغير الآن، الخطوط الحمراء هنا مؤقتة، يحاول الناس أن يضعوا لك العراقيل بناءً على ما يعتقدون أنه واجب الحدوث، ولكن هناك حرية عندما يحدث التحول”. في المستقبل، تحلم بتنظيم مهرجان دولي للمسرح المتطور في بلدها، على غرار مهرجان “تحت الرادار” (Under the Radar) الذي حضرته في نيويورك. كما تريد كلٌ من مريم وميثاء المساهمة في المشهد المسرحي المتنامي في الإمارات العربية المتحدة: “أريد أن أهزم نقص الحماس تجاه المسرح المهني”، كما تقول مريم.
من غير المرجح أن تتمكن أرامكو من الحفاظ على سياستها الحالية في توزيع عائدات الأسهم في ظل غياب انتعاش قوي في عائدات النفط. وقد يؤدي تخفيض الأرباح الموزعة إلى آثار سلبية على الأوضاع المالية للحكومة وصندوق الاستثمارات العامة.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستخلق خطوط تماس وتوتر داخلية يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية جديدة. إضافة إلى خطوط تماس أخطر خارجياً، قد تزج الولايات المتحدة في حرب تجارية مع الصين.
على صعيد العلاقات الأمريكية-الخليجية، سترث إدارة هاريس إطار عمل راسخ للمضي قدماً، ومن غير المرجح أن تتخلى عنه.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.