ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
أجرت إيران انتخاباتها البرلمانية في الحادي والعشرين من فبراير/شباط. في مواجهة الضغوط الخارجية من الولايات المتحدة، ومع استمرار الاضطرابات الداخلية -وإن كانت خامدة حاليًا- ومع الخلافة المرتقبة للقيادة، اختار المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي برلمانًا أكثر تماسكا وأقل تمثيلا وحصل عليه. على المدى القريب، هذا قد يساعد النظام على إدارة الأزمات المتعددة التي يواجهها. ولكن على المدى البعيد، سيرتب على ذلك بعض العواقب، بسبب تضييق دائرة النخب الحاكمة، وتقييد مسعى المشاركة السياسية للمواطنين الإيرانيين.
“اليوم هو يومٌ لتحقيق الحقوق المدنية للأمة، فالتصويت هو الطريق للمشاركة في إدارة شؤون الدولة …” هذا ما قاله خامنئي وهو يدلي بصوته في الانتخابات البرلمانية. وأردف مؤكدًا أن التصويت هو “واجب ديني”. عكست تصريحات خامنئي مهمته المزدوجة كرئيس للدولة والسلطة الدينية.
ومع ذلك، استجاب 42.57٪ فقط من الذين لهم حق الانتخاب لدعوة خامنئي، وهو ما يمثل أدنى نسبة إقبال من الناخبين على الانتخابات البرلمانية في تاريخ الجمهورية الإسلامية. بلغت نسبة الإقبال في طهران 26٪ فقط. قاطع أغلبية الناخبين الانتخابات التي قام مجلس الوصاية باستبعاد 7545 من مرشحيها، بمن فيهم 80 من البرلمانيين الحاليين، من أصل 16145 مرشحًا.
كانت نتائج الانتخابات وتكوين البرلمان الجديد أمرًا متوقعَا، كان معظم المرشحين الذين تم استبعادهم حلفاء سياسيين للرئيس حسن روحاني أو لرئيس البرلمان السابق، علي لاريجاني. شاهد محمد باقر قاليباف، وهو شخصية بارزة في فيلق حرس الثورة الإسلامية وعمدة طهران السابق، صعود فرصه السياسية، حيث حصل على أكبر عدد من الأصوات في طهران، ومن المرجح أن يخلف لاريجاني كرئيس للبرلمان. في حين أن خامنئي غير مدفوعًا بالأيديولوجيا، إلا أنه يتوقع من قاليباف أن يقوم بتحويل البرلمان إلى ثكنة للدعم بدلاً من كونه ساحة للنقاش. وهذه ليست مهمة سهلة مع هذه المجموعة من البرلمانيين، الذين سوف يبدأون، على الأرجح بدافع الطموح الشخصي، بالتكتل والقتال لإثبات من هو أكثر ولاءً لخامنئي.
من المحتمل أن يكون هذا الترتيب مفيدًا لنظام يواجه العديد من الأزمات على المدى القريب. بصرف النظر عما إذا كانت الجمهورية الإسلامية ستختار طريق الدبلوماسية، أو المواجهة العسكرية، أو مزيجًا من الطريقين تجاه الولايات المتحدة ، فإن البرلمان الموحد يقوي النظام. ومن غير المرجح أن يشكل مثل هذا البرلمان أي عقبات في طريق قمع النظام للاحتجاجات السياسية والاقتصادية، والتي قد تعود إلى الظهور في أي وقت طالما استمرت الولايات المتحدة في حربها الاقتصادية ضد إيران. أخيرًا، ينبغي على هكذا برلمان موحد أن يمهد لمن يخلف خامنئي.
ومع ذلك، سوف تكون هناك عواقب بالنسبة لخامنئي والنظام بسبب حماسهم المفرط في هندسة الانتخابات. فخامنئي نفسه قد خسر بالفعل، عندما تجاهل أكثر من نصف أصحاب حق الاقتراع في إيران، وثلاثة أرباع أصحاب حق الاقتراع في طهران دعوته للمشاركة في الانتخابات. كيف يمكن لخامنئي أن يدعي السلطة الدينية عندما لا يطيعه أغلبية جمهور الناخبين ويتجاهلون “الواجب الديني” في التصويت؟ من المرجح أيضًا أن أغلبية الناخبين يختلفون مع خامنئي فيما يتعلق بـ “حقوقهم المدنية”، لأن عليهم الاختيار فقط من بين مرشحي مجلس الوصاية، الذين تم اختيارهم بعناية.
من المرجح جدًا أن تدفع الجمهورية الإسلامية أيضًا ثمن تضييق دائرة النخب الحاكمة في النظام. من خلال استبعاد المرشحين، الذين خدموا الجمهورية الإسلامية بإخلاص على مدى عقود من الزمن، ومن بينهم ثمانون من البرلمانيين الحاليين، فإن النظام يستبعد من خدموه. قد يظهر كل المرشحين المستبعدين، الذي بلغ عددهم 7545 مرشحًا، كشخصيات معارضة، كما كان الحال مع حالات التطهير السابقة في الجمهورية الإسلامية. على سبيل المثال، خدم كل من مير حسين موسوي ومهدي خروبي النظام المخلصين، إلى أن تم تطهيرهم عشيّةَ الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها في يوينو/حزيران 2009، وبرزوا بعد ذلك كقادة للحركة الخضراء المعارضة.
إنه أمرٌ خطير أن يحرم النظام جمهور الناخبين من الاعتقاد، أو ربما التوهم، بأنه يمكنهم المشاركة في حكم البلاد من خلال التصويت. وقد ساعد هذا الاعتقاد على مدى العقود الأربعة الماضية الجمهورية الإسلامية في الحفاظ على درجة من الحكم النيابي والدعم الشعبي والشرعية. بمجرد إقصائهم عن التصويت، من المرجح أن يلجأ الناخبون إلى الاحتجاج في الشوارع كوسيلة للتعبير عن مطالبهم. وهذا بدوره قد يجبر النظام على استخدام القوة بشكل متكرر أكثر مما هو عليه الحال الآن.
قد تكون هندسة الانتخابات مفيدةً لخامنئي على المدى القريب، ولكن من المرجح أن يترتب عليها عواقب سلبية على المدى البعيد.