الملخص التنفيذي
تعكس الروابط بين دول الخليج العربية وجنوب آسيا علاقات حيوية متطورة قائمة على جذور تاريخية عميقة. على الرغم من أن أسس التعاون الإقليمي الراسخة منذ أمد طويل لا تزال على حالها، إلا أن الروابط الاقتصادية والسياسية والأمنية تمر بمرحلة تحول في طبيعتها ومدى تعمقها. إن دراسة اتجاه هذا التغيير ونسبته أمر أساسي لفهم خيارات السياسة الخارجية لدول الخليج العربية فيما يتعلق بدول جنوب آسيا وتوجهاتها تجاه الخليج.
تعتبر المعايير الاقتصادية للتعاون الإقليمي من المظاهر الأكثر وضوحًا لهذا التحول. لطالما لعب الآسيويون الجنوبيون دورًا أساسيًّا في أسواق العمل الخليجية، لكن السياسات الصارمة لتأميم القوى العاملة في دول الخليج تمارس ضغوطًا على أسواق العمالة الوافدة، ما يهدد تدفق التحويلات المالية إلى جنوب آسيا. وينظر المسؤولون الخليجيون ورجال الأعمال إلى جنوب آسيا على أنها تقدم فرصًا لتعميق التعاون في مجال الطاقة إلى ما هو أبعد من تصدير النفط الخام إلى المنطقة، إلى إمكانيات حديثة في مراحل إنتاج النفط النهائية.
وفيما هو أبعد من قطاع الطاقة، اجتذب الصندوق الوطني الهندي للاستثمار في البنية التحتية والتواصل الاقتصادي الصيني الباكستاني اهتمامًا ذا مغزى من المستثمرين الخليجيين. وبالنسبة للتجارة، تمثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية حوالي 75 في المئة من إجمالي حجم التداول التجاري بين دول الخليج العربية والهند البالغ 103 مليارات دولار، ومن المُرجح أن ترتفع هذه الأرقام في السنوات المقبلة. سوف تعمل حُزَم الدعم المالي وغيرها من أشكال المساعدات الاقتصادية من دول الخليج على زيادة الترابط بين الأنظمة الاقتصادية في المنطقة.
لقد أصبحت الآثار الاستراتيجية للتعاون الإقليمي بين الخليج وجنوب آسيا جليةً وأكثر وضوحًا. وتنبهت دول الخليج العربية إلى بروز الهند كلاعب عالمي مهم وإلى موقعها كقوة إقليمية وبحرية رئيسية في منطقة المحيط الهندي. ومع ذلك فإن التعاون السياسي والأمني الأوثق بين دول الخليج والهند يتطلب توازنًا في العلاقات مع باكستان. وتدرك دول الخليج العربية أيضًا أن كلا من الهند وباكستان تحافظان على علاقات وثيقة مع إيران، وأن التعاون الباكستاني والهندي مع دول الخليج وإيران لا يستبعد أحدهما الآخر.
سوف تنطوي العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية الأوثق على المزيد من المعاناة. يعتمد مصير عمال جنوب آسيا في الخليج إلى حد كبير على مسار التدخلات في سوق العمل، في حين يتوجب على الأطراف الاقتصادية الفاعلة المشارِكة في التجارة والاستثمار بين المناطق أن توجه الضوابط التجارية الناشئة، والإجراءات الروتينية، وغيرها من المظاهر الشائكة في بيئة التجارة والأعمال. وفي الوقت نفسه، فإن تعزيز العلاقات الخليجية الهندية يجازف بمعاداة باكستان، وقد تلقي التفاعلات السائدة بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والهند وباكستان بظلالها على مجال التشغيل لدول الخليج العربية الأصغر ودول جنوب آسيا.
سلسلة نهضة الخليج التابعة لمعهد دول الخليج العربية في واشنطن
أعدت هذه الدراسة كجزء من سلسلة “نهضة الخليج” التي يصدرها معهد دول الخليج العربية في واشنطن لتحليل دور دول الخليج العربية الحيوي في النظام العالمي. وتتخطى هذه السلسلة العلاقات بين مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة لتدرس الروابط التي تجمعه ببلدان ومناطق رئيسية أخرى. فضلًا عن ذلك، تستعرض الدوافع وراء خيارات دول الخليج العربية في السياسة الخارجية وتقيّم الآثار المترتبة على السياسة الخارجية الأمريكية تجاه مجلس التعاون الخليجي والمنطقة.
اقرأ البحث كاملًا