يدعم جاليري ساراي في مدينة ماهشهر الفنانين الصاعدين من جميع أنحاء إيران وجنوب غرب آسيا من خلال مختلف المبادرات التنظيمية وحضور المعارض الفنية المنتشرة حول العالم.
في حين تعتبر مدينتي أصفهان وبندر عباس مَركَزين للفنون الشعبية والحرف في إيران، ويُنظر لطهران على أنها مركز للفن الإيراني المعاصر، فإن المدن الإيرانية الأصغر حجمًا تزخر كذلك بمساحات من الإبداع. يركز جاليري ساراي – وهو معرضًا فنيًا معاصرًا مقره في مدينة ماهشهر، ويمثل الفنانين الإيرانيين الصاعدين – على الإنتاج الإبداعي خارج المدن الإيرانية الكبرى. يعمل جاليري ساراي، الذي تأسس عام 2018 على يد رجل الأعمال المتحمس للفن حسن سراديبور، على النهوض بأعمال الفنانين الإيرانيين على الصعيد الدولي من خلال مشاريع على غرار مبادرة خور آرتومشاريع كارافان، وعرض هذه الأعمال في المعارض الفنية الدولية، بما في ذلك معرض أرموري (The Armory Show) في مدينة نيويورك في الفترة من 8-10 سبتمبر/أيلول.
يمتد تاريخ الفن الإيراني إلى آلاف السنين، حيث يعود تاريخ بعض القطع الفنية إلى 8000 سنة قبل الميلاد في الحضارات المبكرة التي قامت بالقرب من بلاد الرافدين. يشتمل الفن الإيراني اليوم على الحرف التقليدية، مثل نسيج السجاد ورسم المنمنمات وفن الخطوط، إلى جانب الأساليب المعاصرة التي تتراوح من التصوير الفوتوغرافي وتركيبات الوسائط المختلطة إلى التجريد الهندسي والأفلام. غالبًا ما يعتمد الفنانون الإيرانيون المعاصرون – بمن فيهم شيرين نشأتومنير شاهرودي فرمانفرمايان؛ والثلاثي المقيم في دبي رامين حري زادة وروكني حري زادة وحسام رحمانيان؛ وداريوش حسيني من جاليري ساراي – على هذا التاريخ الغني بالحِرف وأساليب سرد القصص التي تعكس حقائق العصر الحديث.
تحدث معهد دول الخليج العربية في واشنطن مع حسن سراديبور لمعرفة المزيد عن جاليري ساراي، وتركيزه على الفنانين الصاعدين من جميع أنحاء إيران، والاهتمام المتزايد السريع الذي اكتسبه الجاليري بين المعارض الفنية الدولية من سيول وأبوظبي إلى بروكسل ونيويورك.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: أخبرني عن نفسك وكيفية ظهور جاليري ساراي للوجود.
حسن: بدأت الرسم عندما كنت صبيًا يافعًا في المدرسة. لقد كنت رسامًا جيدًا، ولكنني لم أكن محترفًا، حيث كنت صغيرًا جدًا. عندما كان عمري 15 عامًا، قررت التركيز فقط على امتحانات القبول في المدرسة والجامعة، لكن لم تفارقني فكرة أن أصبح رسامًا في النهاية. بدأت بعد ذلك عملي الخاص. عندما كان عمري 32 أو 33 عامًا، حاولت العودة إلى الرسم، لكنني شعرت أنني قد تأخرت قليلًا على البدء من جديد. فقررت بدلاً من ذلك تأسيس جاليري، وأن أدعم الفنانين الشباب.
كان ذلك تحديًا كبيرًا جدًا بالنسبة لي. كنت أريده معرضًا خاصًا بي، ولكن كان علي القيام بشيء مختلف. لقد نشأت في جنوب إيران على حدود محافظة خوزستان، بين إيران والعراق. كنت أعتقد أن إدارة مساحة الفن الخاصة بي في طهران لن تكون شيئًا مختلفًا؛ فثمة الكثير من المعارض الناجحة جدًا هناك، سيكون مجرد معرض آخر كغيره من المعارض مع لوحات على الجدار. فقررت فتح مساحة في مدينتي، ماهشهر، وهي مدينة صغيرة في جنوب إيران معروفة باحتوائها على شركة للبتروكيماويات، ولكن الناس لا يعرفون هذه المدينة لما بها من فنون كما يعرفون طهران لمشهدها الفني. أخبرني الكثيرون أنه ليس قرارًا صائبًا لأنه سيكون علي فعل الكثير فقط للعثور على الفنانين وإنشاء قاعدة تجميع الأعمال الفنية. وأخيرًا قررت لا، أريد أن أفعل ذلك، وأردت أن أثبت للآخرين أنه إذا كان لديك خطة جيدة، فإنه يمكنك القيام بشيء جديد، ويمكن للآخرين أن يتعلموا منك.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: لقد كان جاليري ساراي حاضرًا في العديد من المعارض الفنية الدولية منذ افتتاحه قبل بضع سنوات فقط. كيف كان حضوره الأول؟
حسن: بعد ثمانية أشهر من افتتاح الجاليري، تم قبولنا في معرض “آرت دبي”. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها قبول جاليري إيراني من خارج طهران في معرض “آرت دبي”. وكان لنا عرض عظيم هناك مع الفنان مسلم خضري الذي ينحدر أصلاً من مدينة كرمان في جنوب إيران، وكانت لوحاته قد شارفت على النفاذ. ذهبت بعض من لوحاته لهواة جمع القطع الفنية الجيدين جدًا، وذهب بعضها إلى مجموعة في دبي. بعد ذلك، تم قبول طلبنا للمشاركة في معرض أرموري في مدينة نيويورك. كنا واحدًا من أصغر المعارض التي يتم قبولها في معرض أرموري، ومرة أخرى عرضنا أعمال خضري. وفي ذلك العام، فزنا بجائزة أفضل عرض في قسم “الهدايا”. وقمنا بالبيع هناك أيضا. حتى الآن، لم يمضِ سوى خمس سنوات على إنشاء معرضنا، وقد قدمنا عروضًا في 10 أو 11 معرضًا فنيًا محليًا ودوليًا. أحب المعارض الفنية لأن الكثير من الناس يزورون جناح المعرض خلال فترة قصيرة جدًا، تتلقى فيها الكثير من الأسئلة، ويحضر أشخاص مهمون جدا، مثل أمناء المعارض والصحفيين، وهواة جمع الأعمال الفنية ومحبي الفن، في مدة لا تتجاوز أربعة أو خمسة أيام. ومن ناحية أخرى، إذا أردنا إقامة عرض مستقل في نيويورك، على سبيل المثال، فإن الأمر قد يستغرق عدة سنوات من الترويج والتحضير، وقد يأتي أحد الصحفيين لكتابة مقال. لذا، أعتقد أن معارض الفن عالية الجودة هي الأكثر جدوى.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: أذكر لنا بعض المبادرات التي يقوم بها الجاليري لدعم هؤلاء الفنانين الصاعدين؟ وما هو الهدف من هذه المشاريع؟
حسن: تعد مبادرة خور آرت، على سبيل المثال، بمثابة مسابقة فنية سنوية على مستوى البلاد، حيث دأبنا على تنظيمها منذ عام 2020. في هذه المبادرة، يقوم العديد من أعضاء لجنة التحكيم، وغالبيتهم من قيمي المعارض ومدراء المتاحف وأشخاص على دراية واسعة بالفن، باختيار حوالي 30 من الفنانين الذين يتم إدراجهم على القائمة المختصرة، ثم اختيار عدد أقل من المرشحين للقائمة النهائية. ينبغي أن يكون الفنانون الصاعدون من منطقة الشرق الأوسط – لدينا بعض الفنانين المعروفين، ربما اثنان أو ثلاثة- لكن الغالبية من الفنانين الصاعدين. ويُشترط، على أقل تقدير، أن يكونوا رسامين على المستوى الدولي. من الضروري بالنسبة لنا أن يكون لدي الفنان رسالة يقدمها من خلال فنه. ومن المهم أيضا بالنسبة لنا أن يفهم الفنانون تاريخ الفن في الشرق الأوسط وعالم الفن لكي يتمكنوا من الاستمرار كرسامين يصبون لمستقبل أفضل. ونظرًا لسهولة وصولنا إلى الفنانين الإيرانيين، تجد لدينا فنانين إيرانيين أكثر من غيرهم.
على الرغم من كونه جاليري تجاري، إلا أننا لا نركز في العادة على الجانب التجاري فيه، كل ما يهمنا هو التأكد من الاستمرار في تشغيل الجاليري، وألا نضطر لإغلاقه لأسباب مالية. ولأنني أمتلك شركتي الخاصة، فإنني لا أنظر لجني المال من الفن – فهذا أمر صعب للغاية. ومن المهم أيضًا بالنسبة لي أن أعمل مع فنانين آخرين من الشرق الأوسط وجنوب آسيا. أقمنا عرضًا في لندن مع زعام عارف، وهو فنان باكستاني صاعد، وكان ناجحًا جدًا. هناك فقط القليل من المعارض خارج إيران التي تركز على الفن الشرق أوسطي، لذلك نقوم في مساحة العرض الخاصة بنا في لوس أنجلوس بالتركيز على فناني الشرق الأوسط – وليس فقط على فنان واحد أو اثنين ممن يعيشون في نيويورك أو لندن، وإنما على الفنانين الذين يعيشون في إيران. نريد بناء علاقة بين إيران والشرق الأوسط من جهة والجانب الآخر من العالم من جهة أخرى. هذه هي رسالتنا.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هو المغزى من اختيار مدينة ماهشهر لإقامة المعرض؟
حسن: كانت عائلتي في الأصل في مدينة خرمشهر، لكن تم تدمير المدينة في الحرب العراقية-الإيرانية، فانتقلت إلى مدينة ماهشهر. ولدت بعد عامين فقط من الحرب، وكان والدي يعمل في صناعة النفط. لدي هناك الكثير من الأصدقاء الذين حاولوا التعرف على الفن. قبل أن نبدأ، لم يكن معظم هواة تجميع الأعمال الفنية المحليين يعرفون شيئًا عن الفن وتجميع الأعمال الفنية. لكننا حاولنا إيجاد هواة تجميع الأعمال الفنية في هذه المدينة الصغيرة، والآن أصبح الناس يعرفون الكثير عن الفن والتجميع. لقد سعدت كثيرًا برؤية أشخاص ليس لديهم أي صلة بعالم الفن يذهبون إلى المعارض الفنية، ويتابعون الفنانين وأعمالهم والمشهد الفني في إيران. بعد ذلك، بدأت العديد من المعارض الفنية تفتح أبوابها في المدن الصغيرة، وليس فقط في طهران. كانت فكرتهم “بما أن جاليري ساراي قد حقق النجاح، فنحن نستطيع ذلك أيضاً”.
يشعر الفنانون خارج طهران أنهم بعيدون جدًا عما يحدث في المشهد الفني في إيران. لكن معرضنا يساعد الفنانين المحليين وغيرهم على رؤية ما يحدث بشكل أفضل. على سبيل المثال، شيفا نوروزي من جزيرة كيش في جنوب إيران. عادة ما يكون من الصعب على الفنانين من خارج طهران إقامة عروض في صالات العرض. ولكننا قدمنا عرضًا مع نوروزي في المعرض الفني المُسمى (UNTITLED) في ميامي وفي معرض آرت بروكسل، وهو أمر له أهمية حقيقية. الآن، أصبح هواة تجميع الأعمال الفنية العالميين يمتلكون أعمالها ضمن مجموعات فنية جيدة جدًا في الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: أذكر لنا بعض المواضيع أو الموضوعات التي يتطرق لها هؤلاء الفنانون المحليون؟ هل أصبحت النزاعات الاجتماعية الأخيرة أكثر حضورًا في الأعمال التي تشاهدها.
حسن: كلها موضوعات مختلفة تمامًا. من الضروري بالنسبة لنا أن يكون لديهم ما يتحدثون عنه في أعمالهم بدلاً من مجرد اتباع الاتجاهات السائدة. على سبيل المثال، في إكسبو شيكاغو، تطرق خضري في أعماله لموضوعات المطارات والهجرة – لحظة وداع أصدقائك وعائلتك. بعد هذه اللحظة، ستتغير أشياء كثيرة في حياة المرء بالهجرة. فالمهاجر الإيراني يختلف عن المهاجر الذي يسافر من دبي إلى لندن، الذي يمكنه العودة إلى بلده في أي وقت. في إيران، إذا غادرت، لا يمكنك العودة بسهولة – لأنك ستكون في خطر كبير. لقد كان الأمر عاطفيًا للغاية لأن الهجرة تمثل قضية كبيرة في إيران والشرق الأوسط في الوقت الراهن. تناول عمل نوروزي في معرض آرت بروكسل المرأة الإيرانية، آمالها وأحلامها، وما لا يمكنها الحصول عليه في الحياة الواقعية، وتصوير كل هذا بالرسم على قماش اللوحة أو الورق المقوى.
الحياة الاجتماعية في الشرق الأوسط مهمة للغاية. ولا يمكن فصل هذه الأمور عن الفن الذي يصنعه الفنان أو يضعه على اللوحات. فالفنانون يرسمون مشاعرهم. أعتقد أن الفنانين في الشرق الأوسط وإيران يستلهمون أعمالهم من حياتهم اليومية. وتجد هذه المشاعر لدى جميع الفنانين لدينا.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما مدى اطلاع الجماهير المختلفة على الفن الإيراني في هذه المعارض الفنية؟
حسن: نوعية الأسئلة التي نسمعها في كوريا الجنوبية تختلف عن تلك التي نسمعها في الولايات المتحدة أو أوروبا. ربما كل ما يعرفونه هو أن طهران هي عاصمة إيران، ولا يعرفون الكثير عنها. تعد كوريا الجنوبية سوقًا فنية صاعدة، وهذا في اعتقادي أمر جيد. يختلف الأمر تمامًا في أماكن أخرى. في دبي أو أبوظبي، على سبيل المثال، يبدو الأمر وكأنك في بلدك. يعرف الكثير من الناس الفنانين والمعرض والقصة وراء اللوحات. عندما أقيم عرضًا في الإمارات العربية المتحدة، أشعر وكأنني أقيم عرضًا في إيران. لقد كانت الشيخة مريم بنت محمد بن زايد من أكبر الداعمين لمعرضنا الأخير في أبوظبي، وقد قدمت الإمارات دعمًا عظيمًا للفنانين والمعرض. أرى لنا وللفن مستقبلاً مشرقًا حقًا في أبوظبي.
من غير المرجح أن تتمكن أرامكو من الحفاظ على سياستها الحالية في توزيع عائدات الأسهم في ظل غياب انتعاش قوي في عائدات النفط. وقد يؤدي تخفيض الأرباح الموزعة إلى آثار سلبية على الأوضاع المالية للحكومة وصندوق الاستثمارات العامة.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستخلق خطوط تماس وتوتر داخلية يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية جديدة. إضافة إلى خطوط تماس أخطر خارجياً، قد تزج الولايات المتحدة في حرب تجارية مع الصين.
على صعيد العلاقات الأمريكية-الخليجية، سترث إدارة هاريس إطار عمل راسخ للمضي قدماً، ومن غير المرجح أن تتخلى عنه.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.