ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
إن تعيين الإمارات العربية المتحدة سلطان أحمد الجابر، رئيس شركة بترول أبوظبي، في 12 يناير/كانون الثاني، كرئيس للدورة 28 لمؤتمر المناخ 2023، يوضح تمامًا الاتجاهات الإقليمية الرئيسية والتحديات والتوترات العالمية في جهود العمل المناخي التي ظهرت منذ الاجتماع الأول لمؤتمر المناخ في برلين منذ ما يقرب من 30 سنة. على الرغم من خلفيته النفطية كرئيس تنفيذي لشركة أدنوك، التي تبرز بشكل واضح في سيرته الذاتية منذ تعيينه عام 2016، فإن خبرة جابر المهنية في الطاقة المتجددة، بصفته الرئيس التنفيذي المُؤسس لشركة مصدر، وهي شركة الاستثمار في الطاقة المتجددة في الإمارات ، تعود لعام 2006. لا يزال الجابر يشغل الوظيفتين، بينما عمل أيضًا لمدة طويلة في العقد الماضي كمبعوث خاص للإمارات لشؤون تغير المناخ. لقد كان جابر نشيطًا في دبلوماسية تغير المناخ، حيث حضر عشر دورات لمؤتمر المناخ، بما في ذلك الدورة 21 لمؤتمر الأطراف في باريس.
شعور الضرورة والطموح
في بيان صحفي لوكالة الأنباء الإماراتية ركز على تعيينه، ذكر جابر أن “هذا العام الذي يمثل محطة مهمة في عقد حاسم بالنسبة للعمل المناخي”. وأكد على الطموحات الإماراتية العالية بشأن الدورة 28 لمؤتمر المناخ، والحاجة لـ “نهج شامل”، وأهمية “انتقال عملي وواقعي وعادل في قطاع الطاقة” يشمل التركيز على “احتياجات دول الجنوب”، والأهمية الحاسمة للتمثيل في توسيع نطاق العمل المناخي ومساعي التكيف”. وأصر جابر بهذه اللهجة على القول بأن الإمارات في وضع جيد لتقود الدورة 28 لمؤتمر المناخ، في مقاربة أساسها البراجماتية والحوار البناء واحترام العلم الذي يدعم العمل المناخي العالمي.
في مؤتمر الطاقة الذي عقده المجلس الأطلنطي الذي عقد في أبوظبي بعد تعيينه بأيام فقط، لخص جابر نطاق التحدي قائلا: “نحن بعيدون عن المسار، العالم يحاول اللحاق بالركب عندما يتعلق الأمر بالهدف الرئيسي لدورة باريس في إبقاء درجات الحرارة العالمية أقل بدرجة ونصف، والحقيقة الصعبة هي أنه لتحقيق هذا الهدف، يجب أن تنخفض الانبعاثات العالمية بنسبة 43% بحلول عام 2030. إضافة لهذا التحدي، علينا أن نخفض الانبعاثات في وقت عدم الاستقرار الاقتصادي المستمر، وارتفاع مستويات التوتر الجيوسياسية، والضغط المتزايد على الطاقة”. بتقديمه هذا التقييم لنطاق الطموح المتعلق بالدورة 28 لمؤتمر المناخ خلال مؤتمر للحكومة الإماراتية قال: إن المؤتمر سيحظى بمشاركة عالية المستوى، ما يزيد عن 140 رئيس دولة وقادة حكوميون، وما يزيد عن 80,000 مندوب، أي أكثر من ضعف الحضور في الدورة 27 للمؤتمر.
ردود الفعل الدولية
رحب المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص للمناخ جون كيري بتعيين الجابر، الذي استشهد بتجربته كدبلوماسي ودوره كرئيس تنفيذي لشركة مصدر. وقد عبر كيري عن ثقته بأن جابر سيتمكن من جمع كل أصحاب المصلحة الضروريين على طاولة الحوار لكي يتم التقدم بشكل أسرع وعلى نطاق واسع”. قدم خبراء آخرون من مؤسسات أكاديمية ودبلوماسية تقييمات مدروسة تؤكد، على سبيل المثال، على قيادته “قبل وقت طويل” من تعيينه كرئيس تنفيذي لشركة أدنوك، لجهود الإمارات فيما يتعلق بالمناخ. إن خبراء الطاقة العالميين، المدركين تمامًا لصدمات إمدادات الطاقة الناتجة عن الحرب الأوكرانية، ينظرون للتعيين من خلال رؤيتهم أنه أصبح مفهومًا أن الانتقال طويل المدى والحتمي للطاقة يتباطأ في المديين القصير والمتوسط بسبب الغزو الذي قامت به موسكو. إن التباطؤ المرتبط بأوكرانيا قد زاد من التعاطف مع الحجج الخليجية بأن النفط والغاز سيبقيان ضروريين على مدى عقود خلال عملية التحول.
لقد كانت المجموعات الداعمة للبيئة ونشطاء التغير المناخي أكثر شدة في تقييمهم. عبّر مركز القانون البيئي الدولي عن التعيين بأنه “صورة شائنة لتضارب المصالح الصارخ الذي يهيمن حاليًا على سياسة المناخ الدولية”، كما عبّر عن القلق من أن مؤتمرات المناخ تخدم مصالح “شركات النفط والغاز”. ودعا البعض جابر للتخلي عن دوره كرئيس تنفيذي لشركة أدنوك. بينما أصر آخرون، وهم غالبًا ما يشيرون إلى الانتقادات الموجهة للدورة 27 من مؤتمر المناخ، والتي تعود لعام 2015، على أن التعيين يشكل رمزًا لاختطاف الجهود المتعلقة بالمناخ من قبل أصحاب المصالح المرتبطة بالوقود الأحفوري “لتلبية احتياجاتهم الخاصة”.
النظر للتعيين على أنه جزء من مساعي دول الخليج للقيام “بدور فاعل”
بعيدًا عن منظور نشطاء المناخ، هناك عدد من الرؤي الأخرى لتعيين الجابر، والتي تُعد مفيدة لفهم الاتجاهات الإقليمية الرئيسية، وأيضًا فهم الانقسامات المتعلقة بتغير المناخ. يُمثل تعيين الجابر رمزًا لمحاولات دول الخليج أن تكون جزءًا من صناعة الطاقة النظيفة، حتى مع استمرارها في إنتاج وتسريع وتيرة إنتاج النفط والغاز. تريد دول الخليج أن تظل مُصدّرة للطاقة في المستقبل المنظور عن طريق مزيج من الهيدروكربونات والطاقة المتجددة. إن الإعلان عن أهداف الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية للكربون، مثل السعودية في عام 2060 والإمارات في عام 2050، يتجاوز أي ضرورات بيئية، يساهم في هذا التموضع لدول الخليج العربية، حيث تطمح “للقيام بدور فاعل” ليتم النظر لمصالحها بشكل جدي عندما يناقش المجتمع الدولي قضايا تغير المناخ.
معضلة تغير المناخ في الخليج
إن ذلك الجهد الذي تقوم به دول الخليج العربية يتم انتقاده بسبب المعضلة التي تواجهها هذه الدول: من المحتمل أن تكون هذه الدول ضحايا ارتفاع درجات الحرارة وندرة المياه في بيئة شديدة الحرارة ، كما أنها تعتمد على عائدات صادرات النفط لدعم الاستقرار السياسي، إضافة لدعم أسس اقتصاداتهم. وما يجعل من هذه المعضلة أكثر حدة هي أن دول الخليج، مثل الإمارات، تعي أن المبادرات بشأن تغير المناخ ستقوض الطلب طويل الأجل على النفط، وهذا يوضح سبب سعي الإمارات للقيام بعمل مناخي نشط وجهود هائلة في الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة (40 مليار دولار عالميًا على 15 عامًا)، بينما تسعى أيضًا بشكل قوي لزيادة إنتاج النفط ليصل إلى 5 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2027. هذه الجهود الخليجية تركت بعض دول الخليج عرضة لتهمة “أن لديها معايير مزدوجة”. ولكن من وجهة نظر هذه الدول، فإن الحاجة تخلق الضرورة لعمل مزدوج.
موقف الإمارات من قضايا المناخ الرئيسية
يُبرز تعيين الجابر ديناميكية كانت واضحة في الدورة 27 لمؤتمر المناخ، ويمكن أن تكون أكثر وضوحًا في الدورة الـ 28 للمؤتمر: حالة الصراع بين الدول التي تدفع باتجاه توسيع لغة التخفيض التدريجي لطاقة الفحم لتشمل النفط والغاز (والتي حظيت بدعم ما يقرب من 80 دولة في شرم الشيخ) والدول النفطية – وحلفائها – التي تعرقل هذا المسعى. في الدورة 27 للمؤتمر رفضت مصر فتح هذه القضية للنقاش. فيما يتعلق بالقضية الأخرى، وهي التمويل المقدم من الدول المتقدمة للدول الأفقر مقابل الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ، يبدو أن الإمارات لها دور قيادي جيد في ذلك. بمناسبة تعيين الجابر، فإن ملاحظاته تؤكد على التعاطف مع وجهات نظر “دول الجنوب” بشأن تغير المناخ بشكل عام، وأهمية إيجاد “آلية عمل قوية لتمويل الخسائر والأضرار”. حتى في الجزء الختامي من الدورة 27 للمؤتمر، عملت هذه المسألة على تقسيم مواقف الدول المتقدمة، والتي خشيت من مسؤوليتها أمام هذه المطالبات في حال تم تأسيس صندوق للخسائر والأضرار، وأمام الدول النامية التي تعتقد أنها تعاني بشكل غير عادل من آثار تغير المناخ الأسوأ، بينما يرفض المساهمون الرئيسيون في ظاهرة الاحتباس الحراري تحمل أيا من التكاليف التي يتكبدها الضحايا الأكثر عرضة للتأثر.
مساعي القوة الناعمة
يوضح تعيين الجابر استراتيجية القوة الناعمة الطموحة للإمارات على مدى العقد الماضي أو أكثر. فوفقًا لمؤشر القوة الناعمة العالمية لعام 2022، وهو تصنيف يقوم على الإدراكات المتعلقة بصورة الدول، يأتي تصنيف الإمارات في المقدمة بين دول الشرق الأوسط والخامسة عشرة عالميًا. كانت استضافة معرض إكسبو العالمي 2020 (الذي تأخر إلى 2022 بسبب جائحة كورونا) أحدث مثال رفيع المستوى – ثم إعلان الإمارات عن استضافة الدورة 28 من مؤتمر المناخ – على مساعي القوة الناعمة للإمارات. وقد تكون الدورة 28 للمؤتمر “أكبر فرصة حتى الآن” للإمارات لممارسة قوتها الناعمة.
العمل مع الولايات المتحدة الأمريكية
أخيرًا، يُبرز تعيين الجابر المصالح المشتركة والتعاون حول تغير المناخ بين الولايات المتحدة والإمارات. بينما خلقت عدد من القضايا الأخرى توترات بشكل دوري، إلا أن هذه القضية تحظى بالتعاون المستمر بين الجانبين، كما أوضح كيري في ترحيبه بتعيين الجابر. وتتداخل هذه القضية بشكل جيد مع مساعي الإمارات على مدار العقدين الماضيين فيما يتعلق بالطاقة المتجددة، والمبادرات التي دعمتها الولايات المتحدة، وحملة الإمارات الناجحة عام 2009 لاستضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة بشكل دائم. في الفترة الأخيرة، تعهدت كل من الولايات المتحدة والإمارات بجمع مبلغ 4 مليارات دولار لاستثمارها في تقنيات تحويلية في الزراعة وإنتاج الغذاء للحد من آثارهما على تغير المناخ.