صرح إريك ترامب، نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة ترامب، بأن والده “يحب” الإمارات العربية المتحدة، ويأمل في زيارتها في رحلة رسمية إذا أعيد انتخابه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة. وكان الرئيس الإماراتي، محمد بن زايد آل نهيان، قد قام مؤخرًا بزيارة لمرشح الحزب الجمهوري للرئاسة، الرئيس السابق دونالد ترامب، في إطار زيارته الرسمية للولايات المتحدة في أواخر سبتمبر/أيلول. وسواء فاز ترامب بالرئاسة للمرة الثانية في نوفمبر/تشرين الثاني أم لا، فإن علامته التجارية – والمستويات المتفاوتة من النفوذ التجاري- ستبقى سمة واضحة في منطقة الخليج.
ومن بين أحدث وأبرز تجليات علامة ترامب التجارية في دول الخليج، الأبراج وغيرها من المشاريع العقارية الفاخرة المزمع إقامتها في السعودية والإمارات وسلطنة عُمان. في يوليو/تموز، أعلنت شركتا مؤسسة ترامب وشركة دار جلوبال عن خطط لتطوير برج ترامب الفاخر في جدة بالسعودية. وقال إريك ترامب عن المشروع، “تغمرنا السعادة بتوسيع نطاق تواجدنا في منطقة الشرق الأوسط، وتقديم مستوى الفخامة الذي تتميز به علامة ترامب إلى المنطقة من خلال علاقتنا طويلة الأمد مع شركة دار جلوبال”.
في وقت لاحق من يوليو/تموز، كشفت مؤسسة ترامب وشركة دار جلوبال النقاب عن مخططات مماثلة لبرج شاهق في دبي. ومن المتوقع أن يشتمل المشروع على فندق ترامب ووحدات سكنية فاخرة. كما شهدت سلطنة عُمان أيضاً نشاطات لمؤسسة ترامب وشركة دار جلوبال، حيث تعمل الشركتان مع مجموعة عمران – هيئة التنمية السياحية في البلاد – في مشروع عايدة التنموي متعدد الأغراض. من المتوقع أن يضم “المجتمع المسور ونادي الجولف” فندقًا وفيلات ومجمعاً للجولف.
يتسم مشروع التطوير العُماني بتركيز قوي وشامل على الاستثمار. حتى إن الغرف الفردية في فندق ترامب المخطط إقامته تعد أصولاً قابلة للاستثمار، حيث يمكن للمستثمرين امتلاك غرفة، والحصول على حصة من عوائد إقامة الضيوف في هذه الغرفة، بالإضافة إلى الاستمتاع بالإقامة مجاناً لأسبوعين سنوياً. ومن المتوقع أن يتم استكمال هذه المبادرة الشاملة في عام 2028.
إن الخيط الرابط بين هذه المشاريع العقارية الثلاثة في السعودية والإمارات وعُمان هو شركة دار جلوبال، التابعة لشركة دار الأركان ومقرها الرياض. لقد تأسست الشركة السعودية للتنمية العقارية عام 1994، وهي مدرجة في السوق المالية السعودية، وتشرف على أصول تقدر بقيمة 8.25 مليار دولار. تأسست الشركة الفرعية، دار جلوبال، المدرجة في بورصة لندن، في عام 2017 لتسهيل التوسع الدولي في سوق العقارات العالمية الفاخرة. ومن المتوقع للذراع الدولي للشركة أن يستثمر 300 مليون دولار لتطوير منازل فاخرة في الولايات المتحدة كجزء من مشاريعها العالمية.
كما أن تكرار الشراكات التجارية، التي تضم أطرافاً إقليمية، في الأعمال التجارية ينطبق أيضاً على ناديين للجولف مرتبطين بمؤسسة ترامب في دبي. يعمل نادي ترامب الدولي للجولف حالياً في تطوير مجمع داماك هيلز في دبي. سوف يشمل نادي ترامب العالمي للجولف، الذي سيتم افتتاحه قريباً، على ملعب للجولف من 18 حفرة من تصميم تايجر وودز (Tiger Wood). تصدرت شركة داماك العقارية – وهي شركة تابعة لمجموعة شركات داماك جروب الإماراتية – بناء مشاريع الجولف هذه، ولكن ستتولى مؤسسة ترامب “تشغيلها“.
إن تضافر الجهود بين القطاعات المختلفة يساعد في تفسير وجود علامة ترامب التجارية في مختلف أنحاء الخليج. وتتركز العديد من شركات ترامب في مشاريع الفنادق وملاعب الجولف والعقارات التجارية والسكنية، ورخصة اسمه. تتداخل هذه الأنشطة الاقتصادية مع أولويات التنمية في دول الخليج، حيث تعد المشاريع العقارية الطموحة والمبادرات السياحية والفعاليات الرياضية الكبرى والعروض الترفيهية من الدوافع الأساسية لرؤية الدول الخليجية وأجندات التحول فيها. على سبيل المثال، يشمل مشروع نيوم العملاق في السعودية مجتمع قيدوري – وهو “مجتمع جولف سكني فاخر” في التلال الساحلية الموجودة في خليج العقبة (مع أنه لا توجد أي دلالة على وجود شراكة مع مؤسسة ترامب).
ويمثل مجال الرفاهية مجالاً آخر من التوافق التجاري بين المسارات الاقتصادية لكل من ترامب والخليج. حيث تُظهِر إمبراطورية ترامب التجارية العالمية تركيزاً قوياً على الرفاهية – سواء كانت فنادق فاخرة، أم منتجعات النخبة، أم ساعات توربيون فيكتوري التي تبلغ قيمتها 100 ألف دولار. وترى العديد من الأطراف الفاعلة في الحكومات والشركات التجارية في الخليج قيمة الترويج لعروض الرفاهية الفاخرة أيضاً. ويشكل ذوو الثروات الطائلة من الأفراد المحليين والأجانب هدفاً ديموغرافياً وشريحة استهلاكية هامة في دول الخليج. وتعد التدفقات الكبيرة والمستدامة من هؤلاء الأفراد للإمارات حيوية للغاية للاقتصاد الإماراتي. ويرغب السعوديون في جذب المزيد من المستثمرين والمقيمين الأثرياء، وتلبي العديد من مبادرات التنمية الجديدة في البلاد احتياجات أثرياء السعودية والخليج. وتتباهى دول الخليج الأخرى بمختلف أنواع عروض الرفاهية الفاخرة المتخصصة.
وقد اجتذبت قدرات الخليج كمركز مالي عالمي (حيث تعرف أبوظبي على نحو متزايد بأنها “عاصمة رأس المال”) اهتمام أفراد عائلة ترامب وشركائه. ويذكر أن شركة أفينيتي بارتنرز (Affinity Partners)، وهي صندوق الأسهم الخاص بجاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره السابق، قد تلقت 2 مليار دولار من صندوق الثروة السيادية السعودي وصندوق الاستثمارات العامة، وغيرها من الاستثمارات الإضافية من صناديق الاستثمار في الإمارات وقطر. كما أنشأ وزير الخزانة السابق ستيفن منوشين (Steven Mnuchin) شركة أسهم خاصة، أطلق عليها ليبرتي ستراتيجيك كابيتال (Liberty Strategic Capital)، التي يذكر أنها جمعت أكثر من 1.5 مليار دولار من العديد من صناديق الثروة السيادية الخليجية.
كما يوجد تعاقدات تجارية مماثلة بين هيئات تجارية خليجية وعقارات تابعة لمؤسسة ترامب في الولايات المتحدة. وقد استضافت مؤسسة ليف جولف (LIV Golf)، التي تدير دوري رياضة الجولف للمحترفين بدعم من صندوق الاستثمارات العامة، العديد من الفعاليات في عقارات يمتلكها لترامب. أقيمت فعالية ليف جولف ميامي عام 2024 في نادي دورال ترامب الوطني للجولف للعام الثالث على التوالي.
تنطوي إمبراطورية ترامب التجارية على تعاملات تجارية أجنبية، ومن ضمنها الدول الخليجية. تعد المشاريع التي تم إنشاؤها والمشاريع الجديدة المرتبطة بمؤسسة ترامب جزءاً من المشهد التجاري في منطقة الخليج. وإذا ما أُعيد انتخابه، فمن المرجح أن تواجه الأنشطة التجارية الخارجية لمؤسسة ترامب تدقيقاً متجدداً فيما يتعلق بتضارب محتمل للمصالح. وبالرغم من ذلك، فمن غير المرجح أن تشهد علامة ترامب التجارية ودرجات نفوذه التجاري المتفاوتة أي انحسار في جميع أنحاء الخليج، بصرف النظر عن نتائج انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني.