في أوائل يوليو/تموز، أعلنت إيطاليا أنها ستخفف من قيود تصدير الأسلحة للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة – وذلك بعد أشهر فقط من رفضها التصريح ببيع الصواريخ لهذين البلدين بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان في اليمن. جاء هذا الإعلان بعد أيام فقط من قيام الإمارات بإجلاء القوات الإيطالية من قاعدة المنهاد الجوية في دبي. لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار القرار الإيطالي بإلغاء حظر التصدير قرارًا غير مسبوق، ففي عام 2018، تراجعت إسبانيا عن قرارها بوقف شحن القنابل الدقيقة إلى السعودية بسبب مخاوف من تعرض صفقة الشحنة، التي تقدر قيمتها بـ 2.1 مليار دولار، للخطر. وفي عام 2019، سمحت السويد ببيع طائرتي مراقبة نفاثتين للإمارات بالرغم من معايير التصدير المشددة.
تعد هذه الحالات الثلاث جزءًا من توجه أوسع في العلاقات الأوروبية-الخليجية. نظرًا لأن دول الخليج العربية أكدت دورها الفاعل في تشكيل الأمن الإقليمي، فإن خبرتها العسكرية، وجهودها في تنويع الموردين، وتطورات الصناعات المحلية – إلى جانب سطوتها المالية التقليدية – أكسبتها نفوذًا أكبر على شركائها الأمنيين الأوروبيين. هذا التقلص في النفوذ – في العلاقات المتعلقة بتجارة الأسلحة وما ورائها – يدحض بعض الرؤى السابقة حول تأثير عمليات نقل الأسلحة، ويشير إلى حاجة صناع السياسة الأوروبيين لإعادة النظر في سياساتهم.
دور الأسلحة في العلاقات الأمنية الأوروبية-الخليجية
على الرغم من الإسراف ببذخ على المعدات الدفاعية الحديثة، عالية التقنية، إلا أن جيوش الدول الخليجية هذه كانت معروفة تقليديًا بقدراتها المحدودة في الدفاع أو الردع. وهذا يقلل من مصداقية الفرضية القائلة بأن شراء الأسلحة يخدم بشكل أساسي تعزيز القدرات الدفاعية. بدلاً من ذلك، ربما كانت هذه الاستثمارات المكثفة تتعلق في الواقع “بعامل التألق“، فمن الممكن للقدرات العسكرية أن تعزز الكبرياء والوجاهة. بالإضافة إلى ذلك، فإن توريد الأسلحة قد يعزز من أمن المشترين، حيث يتم استخدامها لاستمالة خصوم النظام الداخليين، فضلاً عن تعزيز العلاقات مع القوى الخارجية. بالنسبة للشق الأخير، المعروف باتفاقية النفط مقابل الأمن، فإن عمليات نقل الأسلحة الهائلة قد تكاملت مع تدفق النفط لتعزيز الضمانات الأمنية للقوى الأجنبية. واعتبرت دول الخليج العلاقة مع الولايات المتحدة ضرورية، بشكل خاص، لتحقيق التوازن ضد خصمها الإقليمي إيران، وهي ضرورية أيضًا بالنسبة للإمارات وقطر وعمان والكويت والبحرين لتجنب الاعتماد الكبير على السعودية.
حتى وإن كانت العلاقات الأمنية مع الشركاء الأوروبيين أقل أهمية، إلا أنها تتبع منطقًا مماثلاً. حيث عملت صفقات الأسلحة واتفاقيات التعاون الدفاعي، وخاصة تلك المبرمة مع فرنسا والمملكة المتحدة، على تحقيق التوازن مع “الاعتماد الأحادي” على الولايات المتحدة. من الطبيعي، هناك الكثير على المحك في سياق العلاقة الأمنية الأوروبية-الخليجية، فالعلاقات التاريخية والروابط الاقتصادية تربط المنطقتين ببعضهما، حيث كانت الدول الأوروبية، على مدى عقود، بمثابة أكبر سوق للصادرات الخليجية من النفط والغاز والبتروكيماويات.
من وجهة النظر الأوروبية، فإن مبيعات الأسلحة متجذرة في مزيج من الدوافع الإستراتيجية والتجارية. ربما تساعد صادرات الأسلحة على إمالة موازين القوى الإقليمية، وتقدم تطمينات للحلفاء، وزيادة التأثير على السياسات الخارجية للدول المستوردة. ولعل الأهم من ذلك كله، هو أن تجارة الأسلحة قد تضمن بقاء القواعد الصناعية الدفاعية التي تخدم المصالح الاستراتيجية والاقتصادية على حد سواء. من الطبيعي ألا تكون جميع الدول الأوروبية متشابهة. فسياسة التسلح الفرنسية تُعنى، إلى حد كبير، بالمسائل السيادية. فوجود صناعة وطنية قوية، مثل تلك الموجودة في فرنسا، يعزز استقلالية كل من المُصدر والمستورد على حد سواء، حيث يمكن للمُصدر الفرنسي المحافظة على صناعة دفاعية فعالة، في حين ترى الدول الخليجية، المستفيدة، أن زيادة نفوذها تكمن في تنويع مورديها. خلال الحرب الباردة، على وجه الخصوص، كان المسؤولون الفرنسيون يعتقدون أن هذا الأمر ضروري للتخفيف من قبضة القوتين العظميين. في هذه الأثناء، أصبحت تجارة الأسلحة البريطانية وسيلة تجارية أكثر من كونها أداة للسياسة الخارجية، ومع تراجعها كقوة استعمارية عظمى، وصفها أنتوني سامبسون (Anthony Sampson) بالـ “البراجماتية التجارية”. تحتفظ سياسات التصدير للدول الأوروبية الأخرى، مثل إيطاليا وألمانيا، بمزيج من الدوافع الاستراتيجية والصناعية والاقتصادية الأوسع.
الدول الخليجية والمواقف العسكرية المتقلبة
أخذت تجارة الأسلحة بين أوروبا والخليج طابعها في وقت كانت فيه المواقف الخارجية والأمنية لدول الخليج مختلفة إلى حد كبير. وقد تُرجمت السياسة الخارجية “الحذرة والمحافظة والبراجماتية” إلى مواقف عسكرية ضعيفة، ونفور عام من المساعي الخارجية. لم يبقَ الحال كذلك. فقد أدى الاستقطاب الإقليمي، المتزايد، منذ غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة عام 2003، والمخاوف المتزايدة بشأن الدور الأمريكي المتدهور في الشرق الأوسط إلى تبني دول الخليج لسياسات خارجية أكثر فاعليةً. حتى ومع تخفيف إدارة الرئيس دونالد ترامب من بعض المخاوف الخليجية، التي كان يغذيها النهج الحذر الذي اتبعته إدارة الرئيس باراك أوباما أثناء انتفاضات الربيع العربي والتفاوض بشأن الاتفاق النووي الإيراني، إلا أن دعوات ترامب للمزيد من تقاسم الأعباء لم تمر مرور الكرام. إن محور الولايات المتحدة في آسيا، فضلاً عن الأزمة المالية 2008- 2009، وتغير أنماط الطاقة في أوروبا وآسيا وأماكن أخرى، واعتماد دول الخليج المتزايد في الغذاء على شرق وشمال أفريقيا، كلها عوامل ساهمت في إعادة التفكير الاستراتيجي لدول الخليج. أخذ جيل جديد من القادة الشباب الطموحين في السعودية والإمارات وقطر العبرة من هذه التغييرات في سعيهم الواضح نحو السياسات الخارجية.
ظهرت الميول الجديدة لتقبل التدخلات الأجنبية لأول مرة في عام 2011 عندما قامت السعودية والإمارات بإرسال قوات إلى البحرين لمساعدة النظام في قمع الاحتجاجات. بالنسبة لدولة الإمارات، التي كانت حتى ذلك الحين تتحاشى ممارسة نفوذها خارج حدودها الإقليمية، كان هذا تحولاً ملحوظًا في السياسة الخارجية. ساهمت الكويت في عمليات أمنية في عرض البحر، في حين وردت تقارير بإرسال قطر لأفراد من الأمن ومراقبين. في ليبيا، دعت دول الخليج إلى منطقة حظر الطيران، وبعد فترة وجيزة انضمت قطر والإمارات إلى التدخل الذي تقوده قوات الناتو. هنا، قامت قطر بنشر قدرات عسكرية مادية لأول مرة، وهو ما يمثل بالطبع تغييرًا جذريًا في مسار سياستها الخارجية التي كانت ترتكز على القوة الناعمة. أرسلت قطر والإمارات معًا 12 مقاتلة من طراز ميراج، وستًّا من طراز إف-16، وطائرتي نقل من طراز سي-17، وساهمت قطر والإمارات بنسبة 5٪ من إجمالي القوة الجوية للحملة (على الرغم من الصعوبات اللوجستية التي أعاقت الاستفادة منها). كانت الجهود التي تبذلها دول الخليج في تسليح وتدريب قوات المعارضة في ليبيا، وتوفير المعلومات الاستخبارية لقوات الناتو، أقل وضوحًا، “لكنها كانت بالغة الأهمية من حيث تأثيرها العسكري”. في عام 2014، تدخلت قطر والإمارات إلى جانب السعودية والبحرين في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). وفي حين علقت الإمارات مشاركتها في عام 2015 بعد أسر طيار أردني وإعدامه، إلا أنها واصلت جهودها ضد الميليشيات الإسلامية في أماكن أخرى من المنطقة. في غضون ذلك، أعلنت السعودية عن إنشاء تحالف عسكري من الدول ذات الأغلبية المسلمة لمحاربة الإرهاب.
كان الظهور الأهم للتوجه الجديد في تدخل دول الخليج هو التدخل الذي تقوده السعودية في اليمن. شاركت جميع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، باستثناء عمان، في عملية عاصفة الحزم في عام 2015، حيث نشرت السعودية 100 طائرة مقاتلة (معظمها من طراز إف-15 والمقاتلة الأوروبية تايفون)، والتي انضمت إليها طائرات حربية من الإمارات (30 مقاتلة من طراز إف-16 وميراج 2000)، والبحرين والكويت (15 مقاتلة لكل منهما)، وقطر (10 مقاتلات). خلال السنوات الست الأولى من التدخل، نفذ التحالف الذي تقوده السعودية أكثر من 23 ألف غارة جوية، مع ما يصل إلى نحو 66905 ضربات جوية فردية. لم يحدث في أي صراع آخر في التاريخ الحديث، أن تم إطلاق هذا الكم من القذائف الباليستية، والصواريخ المضادة للسفن، وصواريخ المدفعية غير الموجهة، والطائرات من دون طيار، ما أدى كذلك إلى استخدام غير مسبوق لأنظمة الدفاع الجوي والصاروخي. لم تكن تكاليف الحرب قليلة على هذه الدول المتدخلة، فقد أنفقت دول الخليج العربية مجتمعة ما يقدر بنحو 14 مليار دولار سنويًا على العملية، بينما خسرت الإمارات 45 جنديًا في غارة جوية واحدة، وهو ما يمثل أعلى خسارة في الأرواح في تاريخ البلاد العسكري.
وتستمر القائمة، ساندت السعودية وقطر الجماعات المتمردة في سوريا. عملت السعودية والإمارات على دعم الانقلاب العسكري في مصر، بينما دعمت قطر جماعة الإخوان المسلمين. قدم الإماراتيون، سرًا، الدعم المادي والجوي للجيش الوطني الليبي بقيادة الجنرال خليفة حفتر في ليبيا على الرغم من حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، وما إلى ذلك.
ومع هذه المساعي، تنامت بشكل مطرد الاستثمارات في القدرات. ما بين عامي 2006 و2010، و2011 و2015، ارتفع الانفاق السعودي على الأسلحة بنسبة 275٪، والإمارات بنسبة 35٪، وقطر بنسبة 279٪. وبين عامي 2011 و2015 و2016 و2020، ازدادت الواردات السعودية بنسبة 61٪ والقطرية بنسبة 361٪، في حين تقلصت عمليات نقل الأسلحة العالمية بنسبة 0.5٪. وانخفضت المبيعات إلى الإمارات بنسبة 37٪، لكن عمليات التسليم الرئيسية كانت لا تزال معلقة بحلول نهاية عام 2020، بما في ذلك الفرقاطات الفرنسية وأنظمة الدفاع الجوي و38 طائرة هيلوكوبتر حربية أمريكية.
خلال هذه الفترة، اقترن النمو في مشتريات الأسلحة بتحسن القدرة على إظهار وممارسة النفوذ. استثمرت الإمارات بشكل كبير في الجهود التعليمية والقدرات التشغيلية والبنية التحتية الخارجية، وأكدت نفسها، في الوقت ذاته، كقوة بحرية وإقليمية من خليج عُمان وعبر خليج عدن إلى البحر الأحمر وقناة السويس من خلال إنشاء قواعد، ولو مؤقتة، في إريتريا، وصوماليا لاند، ومن خلال الاستيلاء على العديد من الموانئ والجزر اليمنية منذ عام 2015. اشترت قطر طائرات رافال الفرنسية وطائرات إف-15 الأمريكية وتايفون البريطانية، إلى جانب صواريخ مضادة للسفن وأنظمة الرادار وسفن حربية ودبابات. استثمرت عُمان في طائرات إف-16 وتايفون وفرقاطات الصواريخ صغيرة الحجم والطرادات وسفن الدوريات، والقواعد الجوية والبحرية المخصصة لدعم القوات الأمريكية والبريطانية في الحالات الطارئة. في غضون ذلك، أعادت الكويت التجنيد الإجباري مع دعم قواتها الجوية بشراء مقاتلات تايفون الأوروبية وطائرات سوبر هورنيت F/A-18E/F، إلى جانب الاستثمار في القوات البرية والبحرية.
تداعيات العلاقات الأمنية الأوروبية الخليجية
وهكذا، وبدرجات متفاوتة، تبنت دول الخليج، مع بعض الاستثناءات، سياسات خارجية استباقية بصورة أكبر. ونتيجة لذلك، فقد تطورت هذه الدول لتكون مجموعة من الشركاء الأمنيين ذوي القدرات الكبيرة بشكل ملحوظ. في حين كان بإمكان المصدرين في السابق بيع أي شيء تقريبًا لدول الخليج، إما بسبب نقص المعرفة أو اللامبالاة، إلا أن هذا لم يعد قائمًا اليوم. فالخبرة القتالية المتزايدة جعلت دول الخليج أكثر دراية بما تشتريه، وأصبحت مشتريات الأسلحة تخدم الهدف الأكثر وضوحًا، والمتمثل في تعزيز القدرات العسكرية. وقد جعل هذا التحول المشترين الخليجيين أكثر ارتباطاً بالمهام، كما هو واضح من الاستثمارات الإماراتية والبحرينية والقطرية في أنظمة الدفاع الصاروخي. لقد ازدادت طلبات المستوردين الخليجيين بشكل ملحوظ. كما عبرت عن ذلك إيما سوبرييه، “تُجْمع الشركات الصناعية التي تعمل معهم اليوم على أن إرضاء هؤلاء العملاء أصبح تحديًا كبيرًا. بالإضافة إلى أن شركات الرعاية تضطر للاستثمار في حملات التسويق والمبيعات الإقليمية الخاصة بها، هناك أمور تنبثق من تزايد الطلبات القطرية والإماراتية لنقل المعرفة والتقنيات الدفاعية”.
ومن أجل مواجهة حظر الأسلحة الغربي، بسبب الصراع في اليمن، قامت دول الخليج بتنويع شبكة موردي الأسلحة لديها، وقامت في الوقت ذاته ببناء صناعات دفاعية محلية. لقد أصبح التهديد واضحًا لمصدري الأسلحة الأوروبيين عندما تفوقت صادرات الأسلحة الصينية على صادرات ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة بين عامي 2011 و2014 (حتى وإن تراجعت مرة أخرى في النصف الثاني من العقد الثاني من هذا القرن). في غضون ذلك، تفوقت روسيا على إيطاليا كثالث مورد للإمارات.
يمكن القول إن جهود التنويع قد آتت أكلها. إن تأثير عدم الاستقرار الإقليمي – مع ما يتعلق بذلك من رغبة لدى الدول الأوروبية لفرض هواجس تتعلق حقوق الإنسان- كان في الحقيقة محدودًا على سياسات التصدير الأوروبية، على الرغم من التوجيهات الصارمة على الصعيد الوطني وصعيد الاتحاد الأوروبي. لجأت العديد من الدول الأوروبية إلى حظر تصدير الأسلحة الصغيرة، وفي عام 2018 قامت ألمانيا وفنلندا والدنمارك وهولندا والنرويج وبلجيكا بحظر جميع صادرات الأسلحة إلى الأطراف المتورطة في حرب اليمن، في حين لم تجدد السويد تعاونها العسكري مع السعودية. ومع ذلك، لم يتم تنفيذ هذه التوجيهات على الاطلاق. فبالإضافة إلى المبيعات الإيطالية والإسبانية والسويدية سالفة الذكر، استمرت التحويلات الأوروبية إلى شبه الجزيرة العربية. بعد توقف وجيز في عام 2019، صدَّرت المملكة المتحدة سلاحًا بقيمة 1.88 مليار دولار، بما في ذلك الصواريخ والقنابل، للسعودية ما بين يوليو/تموز وسبتمبر/وأيلول 2020. وواصلت فرنسا مبيعاتها للسعودية والإمارات، ويُزعم أنها قامت بتدريب جنود سعوديين. وقامت ألمانيا، المعروفة بسياستها التصديرية الأكثر حذرًا، بتصدير ما قيمته 1.4 مليار دولار من الأسلحة في عام 2020 إلى دول متورطة في الصراعات في اليمن وليبيا، بما في ذلك قطر والإمارات والكويت والبحرين.
يبدو أن النفوذ المتزايد على شركاء الأمن الأوروبيين يمتد إلى ما هو أبعد من تجارة السلاح. عندما تدخلت الإمارات في ليبيا إلى جانب التحالف الغربي، هددت أبوظبي بسحب دعمها بسبب انتقادات الناتو للتدخل الإماراتي في البحرين. في هذه الأثناء، أشارت سوبرييه إلى أن انحياز السياسات الفرنسية والإماراتية في ليبيا، والردود الفرنسية والبريطانية المعتدلة بشأن الصراع في اليمن ومقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي تكشف عن هذا التأثير العكسي، حيث تعمل الدول المستوردة الآن، إلى حد ما، على التأثير على صناعة قرارات السياسة الخارجية للدول المصدرة.
ينبغي على الدول الأوروبية أن تكون على وعي بتأثير المواقف العسكرية المتقلبة لدول الخليج على العلاقات الأمنية الأوروبية-الخليجية. نظرًا لكون دول الخليج أصبحت تتمتع بمزيد من الحزم والقدرة، أصبح المصدرون الأوروبيون، أكثر فأكثر، خضوعًا لطلبات المستوردين. إن بيع المزيد من الأسلحة، حتى وإن كان يخدم المصالح الاقتصادية ويعزز القواعد الصناعية المحلية، لا يشير بالضرورة إلى المزيد من التأثير على الدول المستفيدة. ربما يكون العكس هو الصحيح على أرض الواقع. من الضروري أن نأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار لأن المنافسة الدولية والمطلب الأوروبي للحصول على الاستقلالية الاستراتيجية قد يفضي إلى التهافت للحصول على النفوذ حيث يمكن اعتبار مبيعات الأسلحة – على سبيل الخطأ – أسلوبًا مجربًا وخاضعًا للاختبار.