ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
من المتوقع أن تضاعف المملكة العربية السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، من انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2030 مقارنةً بمستويات عام 2014. مع معدل الزيادة السنوية للانبعاثات الذي يبلغ 0.6 في المئة وتباطؤ الحركة لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط – حتى مع التزامها الحالي المقترح بخفض الانبعاثات السنوية بما يصل إلى 130 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول عام 2030 – يحذر نظام تعقب النشاط المناخي من أنه؛ لو اتبعت جميع البلدان نهج المملكة العربية السعودية، فإن ذلك سيؤدي إلى ازدياد الانحباس الحراري 4 درجات مئوية. وهذا يعني أن تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المقترح من قِبل المملكة العربية السعودية لا يزال بعيدًا عن حصتها المنصفة للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى أقل من درجتين مئويتين.
مع أخذ هذا بعين الاعتبار، ما هو موقف المملكة العربية السعودية من حيث التغير المناخي؟
عندما انضمت المملكة إلى اتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغير المناخي في عام 1992، كان يبدو أن وفد المملكة العربية السعودية مُصرًا على عرقلة مفاوضات التغير المناخي، ويرجع ذلك أساسًا إلى مخاوفه من الآثار السلبية المحتملة لسياسات التخفيف من تغير المناخ على اقتصاده. تستند هذه المخاوف إلى اعتماد المملكة العربية السعودية الكبير على قطاع النفط، الذي لا يزال يمثل أكثر من 60 بالمئة من الإيرادات الحكومية. واستمرت هذه العرقلة. على سبيل المثال، في عام 1995، وخلال الأيام القليلة في أواخر المؤتمر الأول للأطراف، والذي يعتبر الهيئة العليا لصناعة القرار التابعة لاتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغير المناخي، كافحت المملكة العربية السعودية بقوة لمنع انطلاق المفاوضات بشأن ما أصبح فيما بعد بروتوكول كيوتو لعام 1997. علاوة على ذلك، تبنت المملكة العربية السعودية موقفًا متشككًا تجاه علم التغير المناخي، مع إيلاء المزيد من الاهتمام لما هو غير مؤكد والتقليل من أهمية التأثيرات المحتملة. وكان هذا واضحًا من جهودها للتقليل من أهمية استنتاجات تقارير التقييم للفريق الحكومي الدولي المعني بالتغير المناخي، بما في ذلك تقرير التقييم الثاني في عام 1996 وتقرير التقييم الرابع في عام 2007.
ومع ذلك، فإن موقف المملكة العربية السعودية تجاه التغير المناخي قد تطور في السنوات الأخيرة، من العرقلة الممنهجة إلى القبول المشروط. في الواقع، وبموجب المبدأ القائل بأن جميع الدول لديها “مسؤوليات مشتركة ولكن متباينة”، وقعت المملكة العربية السعودية وصادقت على اتفاقية باريس للمناخ قبل يوم واحد من دخولها حيز التنفيذ في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016. في أيلول/ سبتمبر 2017، استضافت الرياض، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا، النشاط الإقليمي للتوعية بتغير المناخ، إحدى فعاليات الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، حيث نوقشت الخطط الخاصة بنطاق تقرير التقييم السادس ومجرياته وتم تقديم نتائج تقرير التقييم الخامس.
ومع ذلك، يبدو أن علامات القبول الأخيرة هذه مشروطة. على المستوى الوطني، على سبيل المثال، مع مساهمتها المحددة وطنيًّا، تسعى المملكة العربية السعودية إلى خفض انبعاثاتها السنوية بما يصل إلى 130 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030. ويبقى هدف الحد من الانبعاثات مشروطًا ومحدودًا بطريقتين على الأقل: الأولى، لم يتم تحديد الحد الأساسي الذي سيتم ابتداءً منه الخصم المستهدف من تخفيض الانبعاثات، ولذلك يبقى من غير الواضح بماذا يتعلق الهدف، وثانيًا، الهدف هو طوعي، وليس ملزمًا قانونيًا، ويخضع للتغييرات المستقبلية. في الواقع، تشير المساهمة المحددة وطنيًّا إلى أن المملكة العربية السعودية قد تختار تعديلها بين عامي 2016 و2020 إذا خلقت اتفاقية باريس “عبئًا غير طبيعي” على اقتصادها. علاوة على ذلك، فإن المملكة تشترط مشاركتها في النشاطات المناخية باعتبارها متوقفة على نموها الاقتصادي. بصرف النظر عن إدراج طموحات التخفيف من وطأة المناخ والتكيف معه في المساهمات المحددة وطنيًا -التي هنالك شك في مصداقيتها- لم تقم المملكة العربية السعودية بعد بإصدار خطة عمل وطنية للمناخ.
وبالرغم من كل ما ذُكر، فالمملكة العربية السعودية تقوم ببعض الإجراءات للتعامل مع التغير المناخي. تقوم المملكة بتنفيذ العديد من المبادرات، بما في ذلك الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، واحتجاز وتخزين الكربون، وإدارة الإضاءة وتخفيضها إلى أقل حد ممكن. ومع ذلك، فإن نظرة عن كثب على هذه المبادرات تشير إلى أن معظمها تم تأسيسها وتطبيقها من قبل شركة أرامكو، أو شركة النفط الوطنية، أو شركات البتروكيماويات الأخرى. وهذا أمر مفيد بالفعل، ومع ذلك، فإن مشاركة المواطنين في الحد من التغير المناخي مهمة بالقدر نفسه، لا سيما مع ارتفاع نسبة الانبعاثات الكربونية للفرد في المملكة العربية السعودية. حتى الآن، فإن دور البلديات من حيث معالجة المسائل المتعلقة بالمناخ لا يكاد يذكر نسبيًا. أيضًا، في حين يتوقع من وزارة البيئة أن تلعب دورًا فعالاً في معالجة آثار التغير المناخي، إلا أن وجودها كان محدودًا جدًا، حتى في المفاوضات المناخية الدولية. الكيان الذي يبدو أنه الأكثر نشاطًا في معالجة المسائل المتعلقة بالتغير المناخي هو شركة أرامكو.
سوف يبقى موقف المملكة العربية السعودية بخصوص التغير المناخي غير واضح ما لم يتم إجراء مزيد من البحوث وبذل المزيد من الجهود للتأكد من تحديد الهدف من خفض الانبعاثات بشكل جيد، ومن المهم أن ينسجم مع المبادرات الوطنية لتخفيض الكربون. علاوة على ذلك، ونظرًا إلى نية المملكة في المواءمة بين العمل المناخي واستراتيجيات التنوع الاقتصادي، فإن إجراء المزيد من البحوث سيكون مفيدًا، مثل دراسة فوائد معالجة التغير المناخي بما يتوافق مع التنوع الاقتصادي. يمكن تحليل مخاطر المناخ في عمليات التنويع الاقتصادي، مثل إصلاحات دعم الوقود الأخيرة، التي توفر فرصًا لتحقيق الهدف الإجمالي من تخفيض الانبعاثات. بالإضافة إلى ذلك، من المهم تعزيز دور الدولة، بما يتوافق مع جهود شركات النفط الوطنية من أجل تجنب التناقضات. يمكن القيام بذلك عن طريق تعزيز دور وزارة البيئة والبلديات المحلية. وسوف تضمن البلديات النزاهة في عمليات اتخاذ القرار والإشراف كذلك على تخطيط وتنفيذ الإجراءات المناخية في العمليات من أعلى إلى أسفل وبالعكس.