ترامب وإعادة تشكيل المشهد السياسي الأمريكي
سيقوم دونالد ترامب بعمل تحولات غير مسبوقة في السياسة الأمريكية بتحديه للأعراف الديمقراطية والتقاليد الدستورية والقانونية في المشهد السياسي الأمريكي، بما يؤثرعلى شكل ودعائم النظام السياسي الأمريكي.
اتّخذت رسميًا زيارة وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الصباح إلى طهران في 25 كانون الثاني/ يناير صفة الاجتماع الثنائي ولكن كثرت التقارير التي أفادت أن شركاء الكويت في مجلس التعاون الخليجي ومن ضمنهم غريمة إيران الإقليمية الرئيسية، السعودية، سعت من خلالها إلى محاولة التواصل مع إيران.
ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرعاتّخذت رسميًا زيارة وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الصباح إلى طهران في 25 كانون الثاني/ يناير صفة الاجتماع الثنائي ولكن كثرت التقارير التي أفادت أن شركاء الكويت في مجلس التعاون الخليجي ومن ضمنهم غريمة إيران الإقليمية الرئيسية، السعودية، سعت من خلالها إلى محاولة التواصل مع إيران. وكانت دول مجلس التعاون الخليجي تتجاوب جزئيًا على الأقل مع مبادرات كبار المسؤولين الإيرانيين المتكررة للحوار. على ماذا ترتكز محاولة التواصل هذه وما هي التوترات التي ينبغي أن تتخطّاها؟ ولماذا هذا التوقيت؟ وهل يمكن إذابة الجليد على نحو بنّاء بين إيران وبلدان الخليج العربية؟
كيف بلغت التوترات ذروتها
تخاصمت إيران ومعظم بلدان مجلس التعاون الخليجي ولا سيّما السعودية على مستويين متداخلين وجوهريين منذ الثورة الإسلامية في طهران في عام 1979 على الأقل. أولًا، عندما انفصل مسار إيران عن مسار الولايات المتحدة فأصبحت بشكل أساسي منافسة للدول العربية في فرض النفوذ على منطقة الخليج بدلًا من أن تشكل جزءًا من التحالف العالمي والشرق الأوسطي عينه. ثانيًا، عندما اعتمدت إيران وجهة نظر “إسلامية” وصوّرت نفسها بالرغم من توجّهها الشيعي كقائد بديل للأمة الإسلامية العالمية وكمركز للسلطة السياسية والدينية في الإسلام بشكل عام فتصادمت مع السعودية أيديولوجيًا واستراتيجيًا أيضًا.
وشهدت العلاقات بين البلدين وحلفائهما تقلّبات على مرّ العقود وحصل تقارب كبير بينهما في خلال فترات متعدّدة. ولكن لطالما اعتبر الطرفان بعضها كخصمين وتصرّفا على هذا الأساس. وتعتبر بلدان كثيرة في الخليج ومن ضمنها السعودية والكويت، وعلى وجه الخصوص البحرين، إيران كتهديد محلّي محتمل بسبب الشريحة السكانية الشيعية فيها والجهود الإيرانية الحقيقية والمتصورة لنشر الراديكالية في صفوفها وإنشاء منظمات تخريبية وإرهابية حتى مثل حزب الله في الخليج. وفي خلال ثمانينات القرن الماضي، لعبت الحرب الإيرانية العراقية دور الحرب بالوكالة، ووسيلة لبلدان الخليج لاحتواء إيران عن طريق دعم العراق وضمنت على الأقل إبقاء بغداد منهمكة أيضًا.
أطاحت الولايات المتحدة في عام 2003 بنظام صدّام حسين وتسبّبت بالتالي بفراغ في السلطة في العراق وبدرجة أقل في منطقة الخليج وفي الشرق الأوسط على نطاق أوسع. وأطلق ذلك حقبة جديدة من الصراع الطائفي بين كتلتين شيعية وسنية بأغلبيتهما تقود الأولى إيران والثانية المملكة العربية السعودية التي حصلت على دعم قوي من بلدان الخليج الأخرى مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر. وبين عامي 2005 و2010، تنافست إيران ودول الخليج، ولا سيما السعودية والإمارات، على بسط النفوذ في لبنان وفي صفوف الفلسطينيين وفي العراق أيضًا. ورسّخت الثورات العربية التي بدأت فعليًا في عام 2011 الطابع الطائفي بشكل عام لهذا التنافس السياسي على النفوذ الإقليمي.
وشكّل على الأرجح انفصال إيران عن حركة حماس بعد الخلاف بشأن الثورة في سوريا نقطة التحوّل الحاسمة التي حدّدت هذين المعسكرين وقضت على العلاقة المتينة الوحيدة التي جمعت بين إيران وواحدة من أبرز الجهات السياسية المسلمة السنية الفاعلة وهي أيضًا عضو أساسي في جماعة الأخوان المسلمين. فقد أرغمت الحرب في سوريا حماس على الاختيار بين علاقتها المؤاتية مع إيران وهويتها ككيان سنّي إسلامي تابع لجماعة الإخوان المسلمين.
ولاقت إيران نجاحًا أكبر من السعودية في فرض سلطة واضحة على أعضاء تحالفها وذلك لمجموعة متنوعة من الأسباب. ولكن السعودية حشدت جهودها كافة في السنوات الأخيرة لتصل إلى أبعد من حلفائها التقليديين فأقامت علاقات جديدة مع السودان وبعض الجماعات التابعة للإخوان المسلمين مثل حماس وحزب التجمع اليمني للإصلاح وغيرها. وشكّل التحالف مع الولايات المتّحدة المتمثّل بوجود عسكري مهيمن في منطقة الخليج ورقة السعودية الرابحة. ولكن ظهر لدى الرياض وحلفائها في الخليج شعورٌ بالتخلّي عنها وبالاستهداف نتيجة المفاوضات التي أجرتها إدارة أوباما بشأن الملف النووي الإيراني وسعيها إلى التقارب مع طهران فضلًا عن خطابها حول “الاستدارة نحو آسيا” وإقصاء الشركاء في الخليج بصفتهم “منتفعين” وتفادي استخدام القوة العسكرية الأمريكية ولا سيّما في ما يتعلّق بالأسلحة الكيميائية “والخط الأحمر” الذي تشكّله في سوريا. وأتى ذلك بناء على خيبة سابقة تسبّبت بها الولايات المتّحدة بعدما أدّت العواقب غير المقصودة للردّين الأساسيين على اعتداءات 11 أيلول/ سبتمبر الإرهابية، أي الإطاحة بحركة طالبان في أفغانستان وبنظام صدام حسين في العراق، إلى تعزيز مكانة إيران الاستراتيجية بدرجة كبيرة على الصعيد الإقليمي.
وفي خلال القسم الأخير من عام 2015، تصاعدت التوترات بشأن سوريا على وجه الخصوص بعدما انضمت إيران إلى روسيا وحزب الله والميليشيات الشيعية العراقية التي تتحكّم بها طهران مباشرة وشاركت في تدخّل عسكري واسع النطاق في الصراع السوري من أجل دعم حكومة بشّار الأسد المترنحة. وفي وقت متأخّر من ذلك العام، حصل جدال كبير حول موسم الحجّ السنوي إلى مكّة إذ قضى مئات الحجّاج ومن بينهم عدد كبير من الإيرانيين من جرّاء التدافع وأعقب ذلك اتّهامات وجّهتها طهران للرياض شكّكت فيها بقدرة هذه الأخيرة على إدارة الأماكن المقدسة والحج (وذلك يشكّل عنصرًا جوهريًا في شرعية الدولة السعودية). وبلغت الأحداث ذروتها في كانون الثاني/ يناير 2016 عندما نفّذت السعودية حكم الإعدام بحقّ رجل الدين الشيعي الانفصالي نمر النمر وأكثر من 40 متطرّفًا سنيًا سعوديًا على ارتباط بالقاعدة. وخرّب محتجون إيرانيون غاضبون مقرّات البعثات الدبلوماسية السعودية في البلاد وتحدّدت بشكل أساسي مستويات التوتر الحالية في أعقاب هذا التشنّج.
وقطعت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها العلاقات الدبلوماسية مع طهران أو حدّت منها واتخذت موقفًا حازمًا تجاه إيران وحلفائها وأقنعت الجامعة العربية بإعلان حزب الله منظمة إرهابية وبلدان مجلس التعاون الخليجي بتجريم دعمه وكثّفت خطابها حول أنشطة إيران المخلّة بالاستقرار في المنطقة. وردّت إيران عن طريق تكثيف جهودها في سوريا وتوسيع نطاق دورها في دعم المتمرّدين الحوثيين وحلفائهم في الحرب ضد السعودية والقوات الخليجية الأخرى في اليمن وزيادة جهودها لحشد المجموعات الشيعية المعارضة في دول الخليج العربية ولا سيّما البحرين. وبلغ التوتّر بين السعودية وإيران في عام 2016 مستوى غير مسبوق.
لماذا هذا التوقيت للتقارب؟
تساهم عوامل رئيسية متعددة في محاولة التقارب الظاهرة بين الطرفين في ما يتعلّق بالحاجة إلى إصلاح العلاقات مع دول الخليج العربية ولا سيّما السعودية. وتتمحور على الأرجح أهم هذه العلاقات حول التطوّرات الاستراتيجية المعقّدة في سوريا. وقد تبدو للوهلة الأولى دول الخليج العربية، وبخاصة السعودية وقطر، وهي من أبرز الداعمين للمجموعات المتمرّدة السورية أنها تلجأ إلى إيران من موقع ضعف نسبي بعدما تعرّضت لهزيمة كبرى إثر سقوط حلب في يد القوّات الموالية للأسد.
وشكّل ذلك الفعل ضربة قاسية لأهدافها ولكن موقع إيران في سوريا ليس مؤاتيًا تمامًا بالقدر الذي يبدو عليه. وكما تبيّن من المفاوضات بشأن الصراع السوري التي جرت في العاصمة الكازاخستانية أستانا، ساهم الانتصار في حلب في تعزيز النفوذ الروسي في سوريا أكثر بكثير من النفوذ الإيراني. وتُظهر الدعوة التي وجّهتها روسيا لإدارة ترامب الجديدة في واشنطن للانضمام إلى المحادثات في ظلّ اعتراض شديد من قبل طهران أن مصالح إيران وروسيا في سوريا ورؤيتهما المستقبلية لا تتطابق فعلًا. وبالفعل، تتّخذ محادثات أستانا بشكل أساسي طابع التبادلات الثنائية بين روسيا وتركيا ولا تضطلع فيها إيران إلا بدور ثانوي جدًا فتضطر بدرجة كبيرة إلى مراعاة الأولويات الروسية على الساحة الدبلوماسية الدولية على الأقل. لذا، لم تبسط إيران سيطرتها على الوضع بالرغم من الانتصار الاستراتيجي الذي حقّقته من دون شك في سوريا مع سقوط حلب، ويبدو أن روسيا تتمتّع بنفوذ أكبر بكثير وذلك لغاية الآن على الأقل.
ويبدو حاليًا أن مصالح إيران آمنة وكذلك حلفاءها. ولكن لا يمكن التعويل على التزام روسيا على المدى الطويل تجاه مستقبل الأسد وبالتالي قدرة طهران على ضمان أمن المعبر البرّي لحزب الله في لبنان. ولا تستطيع طهران الافتراض أن موسكو لن تجد مع مرور الزمن خيارات أخرى أكثر إغراءً في سوريا لا تشمل تغطية مصالح حزب الله كافة ناهيك عن مصالح إيران. وكما تبدو عليه الأمور، لا تتحكّم إيران بالوضع ويشكّل ذلك مصدر قلق طويل الأمد مخبّأ خلف انتصار قصير الأمد من دون شك. وكما هو الحال دائمًا في سوريا، إن الأمر معقّد.
فضلًا عن ذلك، أقلق تولّي دونالد ج. ترامب مقاليد الرئاسة الأمريكية لسبب وجيه إيران وأثار إلى حدّ كبير حماسة بلدان الخليج العربية. وأعربت إيران عن تخوّفها من تعليقات ترامب والكثيرين من مستشاريه الرئيسيين والمسؤولين الذين عيّنهم العنيفة والمعادية لإيران وتشكيكهم الأقرب إلى المعارضة القطعية بالاتفاق النووي الإيراني بالإجماع تقريبًا. ولا تستطيع بلدان مجلس التعاون الخليجي معرفة التوجهات السياسية التي ستعتمدها إدارة ترمب ولذلك لا بدّ أن يكون تفاؤلها حذرًا جدًا. ولكن يحتلّ الجانب العسكري الأهمية الكبرى في علاقات هذه البلدان مع الولايات المتحدة وتعقد آمالها بتحسين علاقاتها مع واشنطن على نطاق التواجد الأمريكي في المنطقة وطبيعته ومكانته. وبالتالي قد تشكّل المصادقة على تعيين جيمس ماتيس في منصب وزير الدفاع أفضل خبر تلقته هذه البلدان من واشنطن منذ سنوات كثيرة نظرًا للتاريخ الطويل من الاحترام المتبادل والتفاهم الذي يجمعه بها ونظرًا لتوافقهم بدرجة عالية جدًا حول القضايا السياسية الرئيسية وبخاصة إيران.
لا أحد يعرف ماذا سيجري ومن الممكن أن تبرز مقاربة أمريكية انعزالية جديدة قد تبعد الولايات المتّحدة أكثر بعد عن المنطقة. ولكن لغاية الآن، تبقى الولايات المتحدة لاعبًا أساسيًا في منطقة الخليج ويبدو أن تغيّر السلطة في واشنطن سيعزّز على الأرجح الموقع السعودي وسيطرح مجموعة من التحديات الجديدة أمام إيران. وتصاعدت التوتّرات بين واشنطن والرياض من جهة وبين واشنطن وطهران من جهة أخرى في الأيام القليلة الماضية بعدما شكّت مصادر في البنتاغون أن الهجوم الحوثي على فرقاطة تابعة للبحرية السعودية قُبالة الساحل اليمني كان يستهدف في الواقع أهدافًا تابعة للبحرية الأمريكية واشتبهت بتجارب صاروخية إيرانية جديدة ما أدّى إلى تبادل الاتهامات مع إدارة ترامب.
أسس للتفاهم المتبادل
يحيط الغموض بطبيعة الرسالة التي وجّهها مجلس التعاون الخليجي لإيران من خلال وزير الخارجية الكويتي. ولكن فكرة الرحلة المتمحورة بالكامل حول العلاقات الثنائية من دون أن تشمل شركاء الكويت في مجلس التعاون الخليجي ولا سيما السعودية والإمارات لا تبدو صحيحة. فدول الخليج تتجاوب على ما يبدو مع المبادرات المتكررة من إيران وبخاصة وزير خارجيتها محمد جواد ظريف وتحاول استكشاف ما يمكن أن يحصل في خلال فترة عدم اليقين هذه التي تلت سقوط حلب وبروز روسيا كلاعب مهيمن في سوريا وعدم اليقين المحيط بإدارة ترامب.
وبالرغم من مستوى التوتّر العالي الذي تراكم في الأشهر الأخيرة برزت تطوّرات متعدّدة أثبتت أن الطرفين لا يعتبران العلاقة كمعادلة محصلتها صفر. وكان ملفتًا تمكّن إيران ودول الخليج العربية ومن ضمنها السعودية من التوصّل إلى اتفاق يتعلّق بإنتاج النفط وسعره في منظمة أوبك في تشرين الثاني/ نوفمبر واستقدمت حتى منتجين من خارج الأوبك في محاولة لوقف تدهور أسعار الطاقة. واتفقت بلدان الخليج على أن إيران قادرة على زيادة الإنتاج في حين وافقت كل من السعودية والإمارات والكويت على تخفيض إنتاجها الخاص. ولا يمكن اعتبار ذلك خضوعا من قبل هذه الدول، بل أنها رأت أن الاتفاق يخدم مصالحها وقد راعت موقف إيران بعد رفضت ذلك في السابق.
فضلًا عن ذلك، دعت المملكة العربية السعودية في كانون الثاني/ يناير وفدًا إيرانيًا رسميًا لزيارتها من أجل مناقشة استئناف المشاركة الإيرانية في الحج بعد أشهر من تبادل الاتهامات المريرة ومقاطعة إيران للحج في عام 2016. ورحّب مسؤولو الحجّ الإيرانيون بالدعوة قائلين إن الطرفين قرّرا الحرص على تمكّن حوالي 8000 إيراني من المشاركة في الحج في عام 2017.
وذكّرت وفاة الرئيس الإيراني الأسبق آية الله علي أكبر هاشمي رفسنجاني بحقبة هامة تحسّنت فيها العلاقات نسبيًا في عهده وأيضًا بصعوبة العثور على إيرانيين يستطيعون التحدث بمصداقية إلى دول الخليج العربية. ولكن استغلّت السعودية التعازي لتوجيه رسائل متباينة ومبالغ بها سلّمتها لعائلته بمعزل عن الآخرين ولم توجّهها علنًا لإيران ككل. وبالتالي سلّطت وفاة رفسنجاني الضوء على الإمكانات وكذلك العقبات التي تواجه مصالحة السعودية، وعلى نطاق أوسع دول الخليج العربية، وإيران.
وأعاد مؤخّرًا المغرب الذي تجمعه علاقات دبلوماسية واقتصادية وثيقة مع بلدان كثيرة في الخليج إحياء العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع طهران وعيّن سفيرًا في إيران للمرة الأولى منذ سبع سنوات في تشرين الأول/ أكتوبر 2016. وقد لا يؤثّر ذلك مباشرة في العلاقات بين إيران ودول الخليج العربية ولكن المغرب ما كان ليقوم بذلك على الأرجح لو اعترضت السعودية والإمارات. فقد توقّف هذان البلدان عن حثّ حلفائهما على تجنّب أي تعامل مع إيران وقد يتبيّن لهما أن الوجود الدبلوماسي المغربي في طهران يشكّل قناة خاصة ومفيدة للتواصل مع القيادة الإيرانية.
آفاق التقدّم
واستمرّت القوى المعتدلة في إيران بخطابها الداعي إلى التواصل مع دول الخليج العربية وحرصت على ترك الانطباع بأن الباب مفتوح دائمًا للتقدّم. ولكن السياسات الإيرانية ومن ضمنها الجهود الطموحة لنشر نفوذ طهران إقليميًا بما ذلك داخل دول الخليج العربية بحدّ ذاتها وتطوير الصواريخ واختبارها وجّهت رسالة مضادة. وفي المناخ الحالي، لا تستطيع الكلمات التعويض عن الأعمال. ولا تبدو السعودية بشكل خاص متفائلة جدًا بشأن أي انفتاح محتمل على إيران في المستقبل القريب. وظهر أيضًا تشكيك من قبل الإمارات وقطر.
ومع ذلك سمحت هذه البلدان للكويت وربما شجّعتها أيضًا على التقرّب من إيران على أساس متعدّد الأطراف وثنائي أيضًا في خلال زيارة وزير الخارجية. وتتجلّى مصالح الكويت في الحفاظ على علاقاتها الجيدة نسبيًا مع إيران بوضوح. وإلى جانب عوامل أخرى كالتجارة، يجمع بين الكويت والعراق تاريخ خاص ما يعزز حسها بالتهديد المنبعث عن مصادر تتجاوز التهديد الإيراني بالمقارنة مع شركائها في مجلس التعاون الخليجي. وفضلًا عن ذلك، نجحت الكويت في تجنّب التوترات الطائفية التي أخلّت باستقرار البحرين وتسبّبت بموجات من الاضطرابات في المنطقة الشرقية في السعودية وبذلت جهودًا كبيرة للحرص على ألا يعمّ الغضب أو الاضطراب في صفوف سكانها من الشيعة المندمجين جيدًا نسبيًا في المجتمع. ومن بين دول مجلس التعاون الخليجي، تتمتّع عُمان بأفضل العلاقات مع إيران ولكن تتزايد عدم ثقة الكثيرين من شركائها بها في ما يتعلّق بهذه القضايا. فشكّلت الكويت خيارًا منطقيًا وفعّالًا لمحاولة تواصل خاصة ومتعدّدة الأطراف يمكن إدراجها ضمن جدول أعمال كويتي إيراني ثنائي وإخضاعها له.
ولغاية الآن، لا يبدو أن جهود الوساطة قد كسرت الحواجز أو وفّرت الأسس لبداية جديدة حقيقية ومتواضعة حتى. وتشدّد المصادر في المنطقة على أن رسالة دول الخليج العربية كرّرت بشكل أساسي المواقف التي يتم تداولها منذ بعض الوقت بأشكال مختلفة ولا سيّما بعد قمة مجلس التعاون الخليجي الأخيرة في البحرين في بداية كانون الأول/ ديسمبر 2016. وضمّ البيان الختامي للقمة ثلاث نقاط أساسية للحوار مع إيران: حلّ النزاع الإقليمي مع الإمارات عبر المفاوضات المباشرة أو الوساطة الدولية؛ ومطالبة إيران بوقف “تدخّلها بالشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي والمنطقة بأكملها” وتقيّدها “بالاتفاقات والمعاهدات الدولية ووقف حماية المجموعات الإرهابية ومن ضمنها حزب الله”؛ وضرورة تقيّد إيران ببنود الاتفاق النووي مع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا.
وبالرغم من تعدّد الأسس المحتملة لتعاون أكبر بين إيران ومجلس التعاون الخليجي – بما في ذلك احتمال توسيع نطاق التعامل الاقتصادي والتجارة البحرية أو تنسيق محاربة المجموعات المتطرفة المعادية لإيران ودول الخليج العربية على حدّ سواء من مثال الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) والقاعدة – لن يكون التقدّم على المدى القصير بين الطرفين سهلًا. ولا بدّ من تخطّي الكثير من الشكوك المتبادلة ووضع الأسس الكافية لتحقيق تقدّم كبير لعكس تداعيات تنامي التوترات في خلال عامي 2015 و2016. ويبدو أن الطرفين مستعدان لدراسة ما يمكن فعله على المدى المتوسط. وفي نهاية المطاف سيتعيّن على إيران وبلدان الخليج العربية إيجاد تسوية مؤقتة. فمستوى التوترات الأخير لا يمكن تحمّله على المدى الطويل والحرب المباشرة غير واردة تقريبًا. وسيكتشف الطرفان قريبًا جدًا القيود المختلفة لطموحاتهما الإقليمية وسيواجهان تراجع العائدات الذي يترافق في نهاية المطاف مع الصراعات بالوكالة إن لم يفعلا بعد.
وأعربت الكويت عن استعدادها لمتابعة دراسة الخيارات لتحقيق تقدّم إضافي بالرغم من أن مجلس التعاون الخليجي يضغط على إيران لتلتزم بوقف “التدخّل بالشؤون الخليجية” والبدء “باحترام سيادة دول مجلس التعاون الخليجي”. وبالتالي سيبذل على الأرجح مجلس التعاون الخليجي جهودًا إضافية من أجل المضي قدمًا. ولكن سيتطلّب ذلك المزيد من الحوار والزيارات الوزارية وتعديلات جوهرية في السلوك والسياسات والخطاب من جانب إيران وبلدان الخليج العربية أيضًا لكي تتمكن من تحقيق تقارب بنّاء.
هو كبير باحثين مقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن.
سيقوم دونالد ترامب بعمل تحولات غير مسبوقة في السياسة الأمريكية بتحديه للأعراف الديمقراطية والتقاليد الدستورية والقانونية في المشهد السياسي الأمريكي، بما يؤثرعلى شكل ودعائم النظام السياسي الأمريكي.
من غير المرجح أن تتمكن أرامكو من الحفاظ على سياستها الحالية في توزيع عائدات الأسهم في ظل غياب انتعاش قوي في عائدات النفط. وقد يؤدي تخفيض الأرباح الموزعة إلى آثار سلبية على الأوضاع المالية للحكومة وصندوق الاستثمارات العامة.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستخلق خطوط تماس وتوتر داخلية يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية جديدة. إضافة إلى خطوط تماس أخطر خارجياً، قد تزج الولايات المتحدة في حرب تجارية مع الصين.
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.
تعرف على المزيد